والظاهر أنّ هذه الرواية للكازروني عن ابن عباس هي ما رواه الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن عكرمة عن ابن عباس قال : لمّا تمت لرسول الله ست سنين قدمت به امّه آمنة على أخواله من بني النجار فماتت بالأبواء بين مكّة والمدينة.
فبقي رسول الله صلىاللهعليهوآله يتيما لا اب له ولا أمّ ، فازداد عبد المطّلب رقة له وحفظا. فكان يوضع لعبد المطّلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد اجلالا له ، وكان بنوه يجلسون حوله حتّى يخرج عبد المطّلب. فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يخرج وهو غلام فيمشي حتّى يجلس على الفراش! فيعظّمون ذلك أعمامه ويأخذونه ليؤخروه ، فيقول لهم عبد المطّلب اذا رأى ذلك منهم : دعوا ابني فو الله إنّ له لشأنا عظيما! انّي أرى انّه سيأتي عليكم يوم وهو سيّدكم ، إنّي أرى عزته عزة تسود الناس! (١)
ثمّ يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويقبّله ويقول : ما رأيت قبله من هو أطيب منه ولا أطهر قط ، ولا جسدا ألين منه ولا أطيب! ثمّ يحمله على عنقه فيطوف به اسبوعا.
وكانت هذه حالته حتّى ادركت عبد المطّلب الوفاة.
فبعث الى ابي طالب ، فدخل عليه وهو في غمرات الموت ومحمّد على صدره ، فبكى وقال لأبي طالب : يا أبا طالب! انظر أن يكون هذا من جسدك بمنزلة كبدك ، فإنّي قد تركت بنيّ كلهم وأوصيتك به ، لأنّك من أمّ أبيه.
__________________
في زيارة أمي فأذن لي ، فزوروا القبور تذكّركم الموت. كما في صحيح مسلم ٣ : ٦٥ ط ١٣٣٤ كتاب الجنائز. ورواه عنه الطبرسي في إعلام الورى : ٩. ورواه عنه أيضا الاربلي في كشف الغمة ١ : ١٦ ط تبريز.
(١) وروى الكليني بسنده عن الصادق عليهالسلام نحوه (اصول الكافي ١ : ٤٤٨) وذكر مثله (اليعقوبي ٢ : ٩) وفي تأريخ وفاة آمنة قال الكليني : وماتت امّه آمنة وهو ابن أربع سنين (اصول الكافي ١ : ٤٣٩).