يطّلع عليه فاذا هو به صلّى الله عليه وآله نائم وقد أظلّته سحابة. فقال للقوم : ادعوا هذا اليتيم. ففعلوا ، فقام يسير وقد أظلّته السحابة ، فأخبر القوم بشأنه وأنّه سيُبعث فيهم رسولاً ويكون من حاله وأمره كذا (١).
وفي رواية الصدوق عن ابن عباس عن أبي طالب قال فلمّا قربنا من بصرى الشام (١) اذا نحن بصومعة ، فنزلنا تحت شجرة عظيمة قريبة من الراهب قليلة الأغصان ليس لها حمل ، كان الركبان ينزلون تحتها ، فلمّا رأى بحيرا الراهب (٢) ذلك اتّخذ طعاما ثمّ جاء به فأكل وأكلنا معه.
ثمّ قال : يا غلام أسألك عن ثلاث خصال بحق اللات والعزّى الّا أخبرتنيها. فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآله عند ذكر اللات والعزّى وقال : لا تسألني بهما ، فو الله ما أبغضت شيئا كبغضهما ، وإنهما صنمان من حجارة لقومي. فقال بحيرا : هذه واحدة. ثمّ قال : فبالله الّا ما أخبرتني. فقال : سل عمّا بدا لك ، فإنّك قد سألتني بإلهي وإلهك الّذي ليس كمثله شيء. فقال : أسألك عن نومك وهيئتك وامورك ويقظتك. فأخبره عن نومه وهيئته واموره وجميع شأنه ، فوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته الّتي عنده. فانكب عليه بحيرا فلم يزل يقبّل يديه مرّة ورجليه مرّة ويقول فيما يقول : أنت دعوة ابراهيم وبشرى عيسى ، أنت المقدّس المطهّر من أنجاس الجاهلية.
ثمّ التفت إليّ وقال : ما يكون هذا الغلام منك فإنّي أراك لا تفارقه؟ قال أبو طالب : فقلت : هو ابني ، فقال : ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون والده
__________________
(١) قرب الاسناد : ٢٥١ الحديث ١٢٣٢.
(٢) بصرى هي مدينة حوران ، فتحت صلحا لخمس بقين من ربيع الأوّل سنة ثلاث عشرة ، وهي أوّل مدينة فتحت بالشام. وردها رسول الله مرّتين : هذه هي الاولى.
(٣) حسبه المسعودي من عبد قيس من عرب الشام ، مروج الذهب ٢ : ١٠٢. وضبط الاسم بفتح الباء وكسر الحاء واشتهر بالتصغير خطأ.