وهو الآن هاهنا! ثمّ قال لنا : من أنتم؟ فقلنا : رهط من قريش ، فقال : من أي قريش؟ فقلنا من بني عبد شمس ، فقال لنا : معكم غيركم؟ فقلنا : بلى (كذا) معنا شاب من بني هاشم نسمّيه يتيم بني عبد المطّلب ، فقام واتكى على صليب من صلبانه وهو يفكر ، وحوله ثمانون رجلا من البطارقة والتلامذة ، فقال لنا : فيجب عليكم ان ترونيه ، فقلنا له : نعم فجاء معنا.
وفي سوق بصرى اذا نحن بمحمّد قائم في السوق ، فأردنا ان نقول للقسّ : هو هذا ، فإذا هو سبقنا فقال : هو هو ، قد عرفته والمسيح ، فدنا منه وقبّل رأسه وقال : أنت المقدّس ، ثمّ أخذ يسأله عن أشياء من علاماته ، فأخذ يخبره النبي صلىاللهعليهوآله فسمعناه يقول : لئن ادركت زمانك لأعطين السيف حقّه! ثمّ قال لنا : أتعلمون ما معه؟ معه الحياة والموت ، من تعلق به حيي طويلا ، ومن زاغ عنه مات موتا لا يحيى بعد أبدا هذا الّذي معه الذبح الأعظم! ثمّ قبّل رأسه ورجع راجعا (١).
وقد نقل ابن اسحاق خبر بحيرا بلا اسناد فقال فيه : كان في بصرى من أرض الشام صومعة لم يزل فيها أبدا راهب كان إليه علم النصرانية عن كتاب لهم يتوارثونه كابرا عن كابر ، فكان فيها اذ ذاك راهب يقال له بحيرا ، كانوا كثيرا ما يمرّون به قبل ذلك ، فلا يكلّمهم ولا يعرض لهم ، حتّى خرج أبو طالب في ركب ذلك
__________________
(١) اكمال الدين : ١٧٨ ـ ١٨٥ بتصرف واختصار. وخبر بحيرا رواه ابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٣٨ ، ٣٩ عن الطبري والظاهر انّه الطبري الامامي صاحب (دلائل الإمامة) والّا فالخبر لا يطابق ما في تأريخ الطبري. واختار الطبرسي أن يرويه عن ابن اسحاق : إعلام الورى : ١٧ ، ١٨. وكذلك الاربلي في كشف الغمة ١ : ٢٢ نقل ما ذكره ابن اسحاق. والخبر في ابن اسحاق في السيرة١ : ١٩١ ـ ١٩٤. وفي الطبري ٢ : ٢٧٧ ـ ٢٧٨. وأشار إليه اليعقوبي ٢ : ١١ واختصره المسعودي ١ : ٨٩. وقال : واسم بحيرا في النصارى سرجيس ، وكان للنبيّ اثنتا عشرة سنة.