أخيك الى بلده واحذر عليه اليهود ، فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنّه شرّا ، فانّه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم ، فاسرع به الى بلاده.
فلمّا فرغ عمّه من تجارته خرج به حتّى أقدمه مكّة (١).
هكذا ينتهي الخبر عند ابن اسحاق ، وهكذا نقله عنه الطبري في تأريخه ، ولكنّه روى بعده رواية اخرى أسندها الى أبي موسى الأشعري الأنصاري ـ المدني ـ من دون ان يسندها الى أحد قبله ، قال في آخرها : فلم يزل يناشده حتّى ردّه ، وزوّده الراهب بزيت وكعك وبعث معه أبو بكر بلالا! (٢).
ورواه الدياربكري في كتابه (تأريخ الخميس) ثمّ نقل عن الحافظ الدمياطي أنّه أشكل على هذا الخبر ـ ارسال أبي بكر بلالا مع الرسول ـ بأنّ أبا بكر لم يكن يومئذ يملك بلالا بل كان يملكه اميّة بن خلف ، وإنمّا اشتراه أبو بكر بعد ثلاثين عاما! ثمّ ذهب الى انّ أبا بكر لم يكن في ذلك السفر أصلا! ولذلك قال الذهبي بشأن هذا الخبر : اظنّه موضوعا ، بعضه باطل (٣) ورواه الترمذي في سننه ثمّ قال : حسن غريب!
وقد نقل الطبري عن الكلبي : انّ أبا طالب خرج برسول الله الى بصرى وهو ابن تسع سنين (٤). والمعروف أنّ أبا بكر كان أصغر من النبي صلىاللهعليهوآله بأكثر من سنتين ، فكيف يكون ما ذكر؟!
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ١ : ١٩١ ـ ١٩٤ والخبر في السيرة بلا سند ، وأسنده الطبري إليه عن عبد الله بن أبي بكر. وذكر مثله الكازروني في (المنتقى) بسند طويل الى داود بن الحصين (البحار ١٥ : ٤٠٩).
(٢) الطبري ٢ : ٢٧٧ ـ ٢٧٢ ط المعارف وص ٣٤ ط الاستقامة. والسيرة الحلبية ١ : ١٢٠ وسيرة دحلان ١ : ٤٩ والبداية والنهاية ٢ : ٢٨٥ والثقات لابن حبّان ١ : ٤٤.
(٣) تأريخ الخميس ١ : ٢٥٩ والسيرة الحلبية ١ : ١٢٠ وسيرة مغلطاي : ١١.
(٤) الطبري ٢ : ٢٧٨.