وقد ألمح الى التشكيك فيها جماعة من المؤرخين ـ كما سبق ـ منهم أبو الفداء في تأريخه الكبير ، وجاء فيه : انّ أحد رواتها هو أبو بكر بن أبي موسى عن أبيه الأشعري ، وقد دخل في الإسلام في السنة السابعة من الهجرة ، ولا بدّ أن تكون حينئذ من مرسلات الصحابة. وشكك في الرواية : أنّها اشتملت على أنّ أبا طالب أرجع النبي صلىاللهعليهوآله ـ كما زعم الراوي ـ مع بلال الحبشي وأبي بكر ، وقد كانا يوم ذاك أصغر منه سنا ، حيث إنّ أبا بكر في ذلك الوقت لم يتجاوز العاشرة ، وبلال الحبشي كان أقلّ من ذلك فكيف يصح أنّ يردّه أبو طالب الى مكّة من تلك المسافة البعيدة وفي تلك الصحراء المخيفة مع طفلين صغيرين؟! (١)
ثمّ الرواية ـ كما مرّ ـ عن أبي موسى الأشعري ، وهو أنصاري مدنيّ ، والمعروف أنّه ولد قبل البعثة بثماني سنين ، وقدم الى المدينة بعد الهجرة بسبع سنين ، ورحلة الرسول مع عمّه أبي طالب الى الشام كانت قبل البعثة باثنتين وثلاثين سنة ، وقبل الهجرة بخمس وأربعين سنة ، وقبل اتصال أبي موسى بالرسول بأكثر من خمسين سنة ، فكيف روى هذا الخبر بلا اسناد الى أحد قبله؟!
والرواية الاولى نقلناها عن الصدوق في (اكمال الدين) بسنده الى ابن عباس ، وكانت تنتهي بقول أبي طالب : وعجلت به حتّى رددته الى مكّة (٢).
وقد ذكر الدياربكري الرواية عن ابن عباس أيضا ولكنّه جاء في آخرها : فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق قبل ما نبئ (٣) وعلى هذا يكون ايمان أبي بكر قد سبق نبوة النبي فضلا عن ميلاد علي عليهالسلام! ولهذا قال الصفوري الشافعي :
__________________
(١) البداية والنهاية ٢ : ٢٨٥.
(٢) اكمال الدين : ١٨٢.
(٣) تأريخ الخميس ١ : ٢٦١.