وهذا اللفظ المروي هنا في هذا الخبر عن خديجة عليهاالسلام أخفّ وطأة والأمر فيه أيسر ممّا رواه الطبريّ بسنده عن عبد الله بن شدّاد قال : ثمّ أبطأ عليه جبرئيل فقالت له خديجة : ما أرى ربّك الّا قد قلاك (!) فأنزل الله عزوجل : (وَالضُّحى)(١) وقد خلا عنه ما رواه ابن اسحاق والطبري عنه عن عبد الله بن الحسن عن امّه فاطمة بنت الحسين عن جدّتها خديجة في بدء نبوة الرسول (٢) بل كأنّ ابن اسحاق أراد أن يبرّئ خديجة عن نسبة تلك المقولة إليها فبدأ برواية خبر عن عبد الله بن جعفر عن رسول الله قال :
امرت أن ابشّر خديجة ببيت من قصب (أي ذهب) لا صخب فيه ولا نصب. وقال : حدّثني من أثق به : أنّ جبرئيل عليهالسلام أتى رسول الله فقال : أقرئ خديجة السلام من ربّها. فقال رسول الله : يا خديجة ، هذا جبرئيل يقرئك السلام من ربّك. فقالت خديجة : الله السلام ومنه السلام وعلى جبرئيل السلام. ثمّ قال ابن اسحاق :
ثمّ فتر الوحي عن رسول الله فترة من ذلك حتّى شقّ ذلك عليه فأحزنه ، فجاءه جبرئيل بسورة الضحى : يقسم له ربّه ـ وهو الّذي أكرمه بما أكرمه به ـ أنّه ما ودّعه وما قلاه ، ويقول : ما صرمك فتركك وما أبغضك منذ أحبّك ، وما عندي من مرجعك إليّ خير لك ممّا عجّلت لك من الكرامة في الدّنيا (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) من الفلج (٣) في الدنيا والثواب في الآخرة (فَتَرْضى) ثمّ يعرّفه الله ما ابتدأه به من كرامة في عاجل أمره ومنّه عليه في يتمه وعيلته وضلالته ، واستنقاذه من ذلك كلّه برحمته (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) بما جاءك من الله من نعمته وكرامته من النبوة فاذكرها وادع إليها. فجعل رسول الله ـ صلّى الله عليه
__________________
(١) الطبري ٢ : ٣٠٠ ، والتفسير ٣٠ : ١٦٢.
(٢) ابن اسحاق في السيرة١ : ٢٥٥ ، والطبري عنه ٢ : ٣٠٣.
(٣) الفلج : الفوز والغلبة.