[وآله] وسلّم ـ يذكر ما أنعم الله به عليه وعلى العباد به من النبوة سرّا الى من يطمئن إليه من أهله (١).
ولو كان كذلك فلا ينسجم هذا مع ما رواه الطبرسي عن ابن عبّاس قال : احتبس الوحي عنه صلىاللهعليهوآله خمسة عشر يوما ، فقال المشركون : انّ محمّدا قد ودّعه ربّه وقلاه ، ولو كان أمره من الله لتتابع الوحي عليه ، فنزلت السورة (٢).
وهذا لا ينسجم مع ما روى الطبري عن ابن عبّاس أيضا في سنوات البعثة اذ قال : بعث رسول الله لأربعين سنة ، فمكث بمكّة ثلاث عشرة سنة (٣) فهل عنى بذلك أنّه صلىاللهعليهوآله قرأ القرآن على المشركين معلنا لهم الدعوة منذ بدء البعثة حتّى اذا احتبس عنه الوحي خمسة عشر يوما قالوا فيه ذلك؟
وروى الطبري عن ابن شهاب عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يحدث عن فترة الوحي : بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي ، فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالس على كرسيّ بين السماء والأرض. قال رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ : فجئثت منه فرقا (٤) وجئت فقلت : زمّلوني ، زمّلوني! فدثروني فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)(٥) الى قوله : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) قال : ثمّ تتابع الوحي (٦).
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ١ : ٢٥٧ ـ ٢٥٩.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٤.
(٣) الطبري ٢ : ٢٩٢ بطريقين.
(٤) جئثت : خفت وفزعت ، وفرقا. خوفا وفزعا.
(٥) المدّثّر : ١ ـ ٣.
(٦) الخبر في التفسير ٢٩ : ٩٠ ط بولاق وفي التأريخ ٣ : ٣٠٦ ط دار المعارف. ونقله الطوسي في التبيان ١٠ : ١٧١.