بسنده عن مبارك بن فضالة والحسن البصري قالا :
إنّ قوما خاضوا في أمر علي عليهالسلام بعد الّذي كان من وقعة الجمل ، فقال رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله : ويلكم ما تريدون من أوّل سابق بالإيمان بالله والإقرار بما جاء من عند الله؟ لقد كنت عاشر عشرة من ولد عبد المطّلب إذ أتانا علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : أجيبوا رسول الله الى غداء غد في منزل أبي طالب.
فلمّا ولّى تغامزنا وقلنا : أترى محمّدا أن يشبعنا اليوم؟ وما منّا يومئذ من العشرة رجلا الّا وهو يأكل الجذعة (١) السمينة ويشرب الفرق من اللّبن.
فغدوا عليه في منزل أبي طالب ، واذا نحن برسول الله ، فحيّيناه بتحيّة الجاهلية وحيّانا هو بتحية الإسلام : فأوّل ما أنكرنا منه ذلك. ثمّ أمر بجفنة من خبز ولحم فقدّمت إلينا ، ووضع يده اليمنى على ذروتها وقال : بسم الله ، كلوا على اسم الله. فتغيّرنا لذلك ثمّ تمسّكنا لحاجتنا الى الطعام ، وذلك أننا جوّعنا أنفسنا للميعاد بالأمس. فأكلنا حتّى أنهينا ، والجفنة كما هي مدفّقة ثمّ دفع إلينا عسّا من لبن ـ وكان عليّ يخدمنا ـ فشربنا كلّنا حتّى روينا والعسّ على حاله.
حتّى اذا فرغنا قال : يا بني عبد المطّلب : انّي نذير لكم من الله عزوجل ، انّي أتيتكم بما لم يأت به أحد من العرب ، فإن تطيعوني ترشدوا وتفلحوا تنجحوا. انّ هذه مائدة أمرني الله بها فصنعتها لكم كما صنع عيسى بن مريم عليهالسلام لقومه ، فمن كفر بعد ذلك منكم فإنّ الله يعذّبه عذابا لا يعذّبه أحدا من العالمين ، واتقوا الله واسمعوا ما أقول لكم. واعلموا ـ يا بني عبد المطّلب ـ أنّ الله لم يبعث رسولا الّا جعل له أخا ووزيرا ووصيا ووارثا من أهله ، وقد جعل لي وزيرا كما جعل للأنبياء قبلي ، وإنّ الله قد أرسلني الى الناس كافة وأنزل عليّ : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) وقد والله
__________________
(١) الجذعة : الغنم له سنة تامة ـ مجمع البحرين.