فلمّا كان اليوم الثالث أمر رسول الله ففعل لهم مثل ذلك فقال لهم رسول الله : أيّكم يكون وزيري وينجز عداتي ويقضي ديني؟
فقام علي عليهالسلام فقال : أنا يا رسول الله. فقال رسول الله : أنت هو. وكان أصغرهم سنّا وأحمشهم ـ أي أدقّهم ـ ساقا وأقلّهم مالا (١).
وأوّل ما في هذا الخبر المختص بل المختزل بل المنقول بالمعنى لا النص هو أنّه عبّر عن المدعوّين ببني هاشم لا بني عبد المطّلب ، ففوّت المطعن على ابن تيمية ومن شاكله ممّن طعن في الخبر بأنّ بني عبد المطّلب لم يبلغوا يومئذ أربعين رجلا. ولكن الخبر كسوابقه إنّما ينسجم مع كون الدعوة في الشعب أو بعد الإعلان لا مع السرّ والكتمان ، ولا مع مبادأتهم بالدعوة.
والطريق المسند للخبر عن علي عليهالسلام غير منحصر بربيعة بن ناجد فالسيد كما رواه عنه في «سعد السعود» رواه في «الطرف» عن الأعمش (٢) ، والصدوق الّذي رواه عن بن ناجد رواه أيضا بسند الأعمش عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل عن علي عليهالسلام قال : لمّا انزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) أي رهطك المخلصين ، دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله بني عبد المطّلب وهم اذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا ، فقال : أيّكم يكون أخي ووارثي ووزيري ووصيّي وخليفتي فيكم بعدي؟ فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا ، كلّهم يأبى ذلك حتّى أتى عليّ فقلت : أنا يا رسول الله ، فقال : يا بني عبد المطّلب هذا أخي ووارثي ووصيّي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي. فقام القوم يضحك بعضهم الى بعض ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام (٣).
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٢٤.
(٢) علل الشرائع : ٦٨ كما في البحار ١٨ : ١٧٨.
(٣) الطرف : ٧ كما في البحار ١٨ : ١٧٩.