وإلّا فكيف نفسّر : أنّه رأى الرأي فنزلت الآيات تصوّب رأي غيره وتفنّد رأيه ، فقعد يبكي؟! وأنّه كان له شيطان يعتريه ويأتيه في صورة جبرئيل! ثمّ أعانه الله عليه فأسلم! ولعلّه من فعل شيطانه أنّه مرّ على سباطة قوم فبال قائما (١)! ثمّ شرب النبيذ؟! ثمّ إنّه رأى زوجة ابنه بالتبنّي في حالة مثيرة فعشقها! وإنّه كان يعشق عائشة حتّى أنّه حملها على عاتقه بطلبها لتنظر إلى رقص السودان في مسجده ، وخدّها على خدّه! ثمّ إنّه ترك الجيش لينفرد بزوجته ليسابقها في الصحراء!
والطامة الكبرى الّتي شملت شيخ الأنبياء إبراهيم : انّه كان أولى بالشكّ من إبراهيم! إلى ما هنالك ممّا يزيد في قبحه على ما ذكر أكثر بكثير ، كلّ ذلك ممّا «قد فاجأتنا به الأنباء والسّير» في المجاميع الحديثة وكتب السيرة! وفيها عن حياته الزوجية ما نتذمّر من ذكره فضلا عن القيام بأمره! وأدهى ما في الأمر وأمرّ أنّها مدوّنة في الكتب الّتي توصف بأنها أصحّ كتاب بعد الذكر الحكيم ، وهي تحاول أن تصوّر لنا سيدنا ومولانا ونبيّنا أفضل الأنبياء والمرسلين وأشرف السفراء المقرّبين!!
قال محقّقو ابن اسحاق في السيرةفي مقدّمتهم : «ولعلّ النظر إلى تراث السالفين ولا سيّما ما يتصل منه بعلم السّير نظرة فيها الكثير من التقديس ، هو الّذي حال دون هؤلاء وهؤلاء أن يقفوا من هذا العلم موقفا فقدناه في جميع المؤلفين المتقدّمين
__________________
(١) صحیح البخاري ١ : ٦٣ ومسلم ١ : ١٥٧ والمصنف لابن أبي شيبة ١٤ : ٢٣٤ وشرح الكرماني ١١ : ٤٠ وفتح الباري ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٣ ونقله ابن شاذان (م ٢٦٠ هـ) في الايضاح : ٥٨ باسنادهم عن حذيفة قال : انه مال الى سباطة قوم فبال قائماً فتفحّج (= باعد بين رجليه) حتى اشفقت عليه فصببت عليه الماء من خلفه فاستنجي! ونقله ابن الاثير في النهاية في مواد : سباطة وفحج وأبض ومأبض. ونقله الازرق في تسهيل المنافع : ٦٦ عن أبي هريرة وعن الامام الشافعي. ومجلة تراثنا ع ٣٢ و ٣٣ : ٢١٦ : حديث السباطة سنداً ودلالة للسيّد حسن الشيرازي.