كلمتين خفيفتين في الميزان تملكون بها العرب والعجم وتنقاد لكم بهما الامم وتدخلون بهما الجنة وتنجون بهما من النار : شهادة أن لا إله الّا الله وأنّي رسول الله. فمن يجيبني الى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به حتّى يكون أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي؟! فلم يجب أحد منهم. فقام علي عليهالسلام وقال : أنا يا رسول الله اؤازرك على هذا الأمر ، فقال : اجلس فأنت أخي ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي ، فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب : يهنك اليوم أن دخلت في دين ابن أخيك وقد جعل ابنك أميرا عليك (١).
ولم يذكر الطبري لهذه الرواية اسم راو خاص ، وقد يكون نقلا بالمعنى دون لفظ خاصّ ، ومهما كان فإن هذا اللفظ ينسجم مع المبادأة بالدعوة ، ويشترك مع سوابقه في عدم الإنذار فيه اللهم الّا مفهوم قوله : «وتنجون بهما من النار» بلا بيان النار أيّ نار هي؟ وأيضا في أخره ما يشعر باستشعار القوم الميل الى دينه من أبي طالب رضي الله عنه فنهوه عن ذلك.
أمّا ابن شهرآشوب في «المناقب» فقد أشار الى ما ذكره الطبري في تأريخه وقبله محمّد بن اسحاق في كتابه وأحمد في مسنده وفضائل الصحابة والخرگوشي في تفسيره عن أبي رافع والبراء بن عازب وابن عبّاس وربيعة ابن ناجد وأضاف ابن جبير ، وأدخل أخبارهم بعضها في بعض ثمّ نقل نظم الخبر في شعر دعبل الخزاعي وستة مقاطع من شعر الحميري ومقطعين من العوني (٢).
__________________
(١) اعلام الورى : ١٦٢ ، ١٦٣.
(٢) المناقب ١ : ٢٤ ـ ٢٦. وذكر مختصر الخبر الاربلي في «كشف الغمّة ١ : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ عن ابن البطريق في «العمدة» وقال : «سبق ذكره أبسط من هذا». ولكنّي لم أجده فيه قبل هذا.