فقرأ رسول الله (حم) السجدة فلمّا بلغ الى قوله : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ)(١) اقشعرّ الوليد وقامت كلّ شعرة في رأسه ولحيته. ومرّ الى بيته ولم يرجع الى قريش من ذلك.
فمشوا الى أبي جهل (عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي) فقالوا له : يا أبا الحكم ، انّ أبا عبد شمس قد صبا الى دين محمّد ، أما تراه لم يرجع إلينا!
فغدا أبو جهل إليه فقال له : يا عمّ ، نكّست رءوسنا وفضحتنا وأشمتّ بنا عدوّنا وصبوت الى دين محمّد؟!
فقال : ما صبوت الى دينه ولكنّى سمعت منه كلاما صعبا تقشعرّ منه الجلود! فقال له أبو جهل : أخطب هو؟ قال : لا ، انّ الخطب كلام متصل ، وهذا كلام منثور ولا يشبه بعضه بعضا. قال : أفشعر هو؟ قال : لا ، أما إنّي قد سمعت أشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها ، وما هو بشعر. قال : فما هو؟ قال : دعني افكر فيه!
فلمّا كان من الغد قالوا : يا أبا عبد شمس ، ما تقول فيما قلناه؟ قال : قولوا : هو سحر فإنّه آخذ بقلوب الناس.
فأنزل الله على رسوله في ذلك : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ ...)(٢) وكان من المستهزئين برسول الله (٣).
__________________
(١) فصّلت : ١٣. وهي ٦١ في ترتيب النزول كما في التمهيد : ١٠٥.
(٢) المدثّر : ١١ ـ ٢٧.
(٣) تفسير القمّي ٢ : ٣٩٣ ، ٣٩٤ وعنه في اعلام الورى : ٤١ ، ٤٢.