أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله أتى البيت ومعه جبرئيل عن يمينه والقوم في الطواف. فأيّ طواف كان هذا لهم جميعا بعد تهديدهم ايّاه؟
لعلّنا نجد جواب هذا فيما رواه ابن هشام عن ابن اسحاق في سيرته : أنّ نفرا من قريش اجتمعوا الى الوليد بن المغيرة ـ وكان ذا سنّ فيهم وقد حضر الموسم ـ فقال لهم : يا معشر قريش! انّه قد حضر هذا الموسم. وإنّ وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذّب بعضكم بعضا ، ويردّ قولكم بعضه بعضا (١).
لنا من هذا النص التصريح بأنّ مناسبة عقد هذا المؤتمر بل المؤامرة على الرسول صلىاللهعليهوآله كانت هي حضور موسم الحج أو العمرة ووفود العرب إليهم لذلك وهم قد سمعوا بأمره صلىاللهعليهوآله.
وتختلف صورة الخبر لدى القميّ في تفسيره قال : كان الوليد بن المغيرة شيخا كبيرا مجرّبا من دهاة العرب ... وكان له مال كثير وحدائق (في الطائف) وكان له عشرة بنين بمكّة ، وعشرة عبيد عند كلّ عبد ألف دينار يتّجر بها ـ وتلك هي القنطار في ذلك الزمان ـ ولذا كان قد قال لقريش : أنا أتوحّد بكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة ، ولذلك سمّاه الله (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً)(٢).
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقعد في الحجر فيقرأ القرآن ...
فاجتمعت قريش الى الوليد فقالوا : يا أبا عبد شمس ، ما هذا الّذي يقول محمّد؟ أشعر هو؟ أم كهانة؟ أم خطب؟ فقال : دعوني أسمع كلامه.
فدنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمّد أنشدني من شعرك! قال : ما هو شعر ، ولكنّه كلام الله الّذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه. فقال : اتل عليّ منه شيئا.
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ١ : ٢٨٨.
(٢) المدّثر : ١١.