فاستهزءوا منه وقالوا : جنّ محمّد بن عبد الله. ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب (١).
فالخطاب لقريش عامّة وللعرب بالأعم ، والمقام الّذي اختاره لخطابه العام هذا هو حجر اسماعيل حول البيت في مطاف المسجد الحرام أي أجمع مجامع الحجّ وأشرف مواقفه فكان كما روى ابن هشام عن ابن اسحاق : وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فانتشر ذكره في بلاد العرب كلّها (٢).
وهذا هو ما كان يحذره اولئك المستهزءون المهدّدون لمنعه عن الإعلان بدعوته في ذلك الموسم العام.
ولكن هل كان هذا هو البيان الأوّل العام لدعوته العلنية العامّة؟
أمّا اليعقوبي فيقول : وأقام رسول الله بمكّة ثلاث سنين ... يدعو الى توحيد الله عزوجل وعبادته ، والاقرار بنبوّته ويكتم أمره ... حتّى قالت قريش : انّ فتى ابن عبد المطّلب ليكلّم من السماء ... ثمّ أمره الله أن يصدع بما أرسله به فأظهر أمره وقام «بالأبطح» فقال :
«انّي رسول الله ، أدعوكم الى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام الّتي لا تنفع ولا تضر ، ولا تخلق ولا ترزق ، ولا تحيي ولا تميت» فاستهزأت به قريش وآذته.
وكان المؤذون له جماعة منهم : أبو لهب ، والحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، وعدي بن حمراء الثقفي ، وعمرو بن الطلاطلة الخزاعي.
وكان المستهزءون به : العاص بن وائل السهمي والحارث بن قيس بن عدي السهمي ، والأسود بن المطّلب بن أسد ، والوليد بن المغيرة المخزومي ، والأسود بن
__________________
(١) تفسير القميّ ١ : ٣٧٩. وعنه في اعلام الورى : ٣٩.
(٢) ابن اسحاق في السيرة١ : ٢٩١.