فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يوحى إليه ، فقالت له أمّ جميل بنت حرب امرأة أبي لهب : يا محمّد ما أرى شيطانك الّا قد تركك ، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث! فنزلت السورة (١).
ولا يتنافى خبر ابن عبّاس مع هذا الأخير الّا في عدد أيّام احتباس الوحي عنه صلىاللهعليهوآله فقد تكون أمّ جميل هي السبب في اشاعة الخبر بين المشركين ممّا أشاع بينهم ذلك ، فهي حمّالة الحطب ، وهذا من حطبها.
أمّا العدد المذكور في خبر أمّ جميل : (ليلتين أو ثلاث) ، فهو يوحي كأنّما الوحي كان قبل ذلك مستمرا كلّ يوم وليلة ، وهذا لم يعهد عنه صلىاللهعليهوآله ولم ينقل ، فالراجح هو عدد ابن عبّاس : خمسة عشر يوما ، أو مقاتل : أربعين يوما (٢).
ولكن عن البرقي بإسناده عن رجل من أهل البصرة قال : رأيت الحسين بن علي عليهالسلام يطوف بالبيت فسألته عن قول الله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) فقال : أمره أن يحدّث بما أنعم الله عليه من دينه (٣).
وقال القميّ في معنى الآية : أي بما أنزل الله عليك وأمرك به (٤).
ونقل الطبرسي عن مجاهد والزّجاج : أي بلّغ ما ارسلت به وحدّث بالنبوة الّتي آتاكها الله ، وهي أجلّ النعم. وعن الكلبي (هشام بن محمّد ت ٢٠٦) قال : يريد بالنعمة : القرآن اذ كان القرآن أعظم ما أنعم الله عليه به ، فأمره أن يقرأه (١).
وقال ابن اسحاق : ثمّ فتر الوحي عن رسول الله فترة من ذلك حتّى شقّ ذلك عليه فأحزنه ، فجاءه جبرئيل بسورة الضحى يقسم له ربّه وهو الّذي أكرمه بما
__________________
(١ و ٢) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٤.
(٣) تفسير البرهان ٤ : ٤٧٤.
(٤) تفسير القميّ ٢ : ٤٢٨.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٨.