ويبقى أننا لو رجّحنا أن تكون السنة الثالثة فيما رواه «الخرائج» عن علي عليهالسلام تأريخا للإسراء والمعراج الثاني ، فهنا اشكالان :
الأوّل : أنّ الخبر بصدد بيان ما يتعلق بالمعراج بالتفصيل ، فلما ذا لم يبيّن بل لم يشر الى المعراج الأوّل السابق ـ أو الآخر اللاحق ـ لا من قريب ولا من بعيد؟ وكذلك أكثر أخبار الإسراء والمعراج.
الثاني : أنّنا لو رجّحنا القول بكون الإسراء والمعراج الثاني في السنة الخامسة من الرسالة كان ذلك منسجما مع كون سورة الإسراء السورة الخمسين في ترتيب النزول ، ونزل في الخمس سنين بعدها زهاء ثلاثين سورة من المئين أو المثاني المطوّلات نسبيّا بينما لو رجّحنا السنة الثالثة تأريخا للإسراء والمعراج الثاني استلزم أن يكون النازل في مدّة هذه السنين الثلاثة خمسين سورة ، بينما النازل في السبع سنين البواقي ثلاثين سورة. اللهم أن يلتزم بذلك بحجة أن السور الأوائل قصار مفصّلات والبواقي مئين أو مثان مطوّلات نسبيّا.
ولعلّ ممّا يؤيّد هذا ما رواه السيوطي في «الدر المنثور» باسناده عن عبد الله بن مسعود قال عن سورة الإسراء ومريم والكهف : إنّهنّ من العتاق الاول (١) هذا وهو من المهاجرين الى الحبشة ، وهي كانت في السنة الخامسة.
والظاهر أن المقصود بالخامسة هي الخامسة من النبوة لا الرسالة والتنزيل ، أي بعد الرسالة والتنزيل بعامين ، ولكن حتّى لو كانت الخامسة من الرسالة فإنّ ظاهر الخبر أنّ سورة الإسراء كانت قد نزلت قبل الهجرة الى الحبشة بمدّة ليست بقصيرة بل طويلة.
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٣٦ عن ابن الضريس وابن مردويه وصحيح البخاري ٣ : ٩٦.