برمضاء مكّة. فبلغني أنّ رسول الله كان يمرّ بهم فيقول لهم : صبرا آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة (١).
وعن ابن عبّاس قال : كانوا يضربون أحدهم ويجيعونه ويعطّشونه حتّى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدّة الضرّ الّذي نزل به حتّى يعطيهم ما سألوه من الفتنة ... افتداء منهم ممّا يبلغون من جهده ، حتّى ان الجعل يمرّ بهم فيقولون له : أهذا الجعل إلهك؟ فيقول : نعم! (٢).
وعن هشام بن عروة بن الزبير : أنّ عمر بن الخطاب ـ وهو يومئذ مشرك ـ كان يعذّب جارية مسلمة من حيّهم فيضربها لتترك الإسلام حتّى اذا ملّ قال لها مستهزئا! : إنّي أعتذر إليك! إنّي لم أتركك الّا ملالة ، فتقول له : كذلك فعل الله بك! فابتاعها أبو بكر فأعتقها.
واعتق النهديّة وبنتها ، وأمّ عبيس وزنّيرة ، واصيب بصرها حين اعتقها ، فقالت قريش : ما أذهب بصرها الّا اللات والعزّى ، فقالت : كذبوا وبيت الله ما تضرّ اللات والعزّى وما تنفعان ، فردّ الله بصرها.
وأعتق عامر بن فهيرة وشهد بدرا واحدا وقتل شهيدا يوم بئر معونة.
ومرّ ببلال بن رباح ، وكان اميّة بن خلف الجمحي يخرجه اذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكّة ، ثمّ يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ويقول له : لا تزال هكذا حتّى تموت أو تكفر بمحمّد وتعبد اللات والعزّى! فيقول وهو في ذلك البلاء : أحد أحد. وكان دار أبي بكر في بني جمح ، فمرّ به وهم يصنعون به ذلك ، فقال لاميّة بن خلف : ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حتّى متى! قال : أنت الّذي أفسدته فأنقذه ممّا ترى. فقال أبو بكر : أفعل ، عندي غلام أسود أجلد منه
__________________
(١) انظر رجال الكشي : ٣٠.
(٢) ولعل هذا كان بعد تصويب القرآن والرسول لتقية عمار بن ياسر ، كما سيأتي.