الحبشة ، ثمّ هاجر الى المدينة وأوّل مشاهده بئر معونة (١) وعليه فلا اشكال لا في حمله الكتاب الأوّل ولا في حمله الكتاب الثاني بعد صلح الحديبية وقبل خيبر في تجهيز المسلمين من الحبشة الى المدينة. ولكن في «الاستيعاب» و «الاصابة» عن ابن سعد (٢) : أنّه شهد بدرا واحدا مع المشركين ، وأسلم بعد احد. وعليه فلم يكن وقتئذ مسلما ، فلا يصح حمله الكتاب الأوّل حتّى بعد بدر بناء على خبر الحلبي بإرسال المشركين لعمرو ابن العاص الى الحبشة بعد بدر. ولذا فقد أورد الحلبي على نفسه بذلك ، وفي الجواب رجّح خبر إرسال المشركين لعمرو الى الحبشة بعد الأحزاب ، في السنة الخامسة للهجرة.
وقد روى الخبر هذا ابن اسحاق في السيرة بسنده الى عمرو بن العاص نفسه قال : لمّا انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون منّي ، فقلت لهم : تعلمون ـ والله ـ انّي أرى أمر محمّد يعلو الامور علوّا منكرا ، وانّي قد رأيت أمرا فما ترون فيه؟ قالوا : وما ذا رأيت؟ قلت : رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده ، فإن ظهر محمّد على قومنا كنّا عند النجاشي ، فإنّا أن نكون تحت يديه أحبّ إلينا من أن نكون تحت يدي محمّد ، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا ، فلن يأتينا منهم الّا خير. قالوا : انّ هذا الرأي. قلت : فاجمعوا لنا ما نهدي له. وكان أحبّ ما يهدى إليه من أرضنا الأدم. فجمعنا له أدما كثيرا ، ثمّ خرجنا حتّى قدمنا عليه.
فو الله إنّا لعنده إذ جاءه عمرو بن اميّة الضمري ـ وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه ، فدخل عليه وخرج من عنده ـ فقلت لأصحابي : هذا
__________________
(٢) اسد الغابة ١ : ٦١ ، ٩٩.
(٣) الطبقات ١ : ٢٥٨.