فقال رجل من القوم : انّ هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا ، فلا تجدنّ في نفسك من قوله.
فردّ عليه عثمان حتّى استشرى أمرهما وعظم ، فقام إليه الرجل فلطم عينه فخضّرها (١).
والحوار في الخبر ـ إن صحّ ـ بين الرجل من قريش ولبيد الشاعر يشعر بعدم انتشار أخبار الإسلام بما يبلغ الشاعر لبيد بن ربيعة ، وكذلك ينمّ عن عدم منابذة المسلمين للمشركين كافة بما يحترز معه ابن مظعون عن مجالستهم في أنديتهم ومجالسهم والاستماع الى شعرائهم.
بينما مرّ في خبر أبي سلمة المخزومي شعر أبي طالب يقول :
كذبتم وبيت الله نبزي محمّدا |
|
ولمّا تروا يوما ـ لدى الشعب ـ قائما |
ويظهر منه ـ كما مرّ ـ أن ذلك كان في حين حصار الشعب ، وقد ذكر القمي والطبرسي والراوندي وابن شهرآشوب أنّ مدة الحصار كانت أربع سنين (٢) وقد قال الثلاثة ـ ما عدا القمي ـ : إنّ أبا طالب مات بعد ذلك بشهرين. وقد روى الصدوق عن الصادق عليهالسلام : أنّ أبا طالب لمّا حضرته الوفاة أوحى الله عزوجل الى رسول الله : اخرج منها فليس لك بها ناصر فهاجر الى المدينة (٣) وروى العياشي عن علي بن الحسين عليهماالسلام : أن رسول الله لمّا فقد عمه أبا طالب أوحى الله إليه :
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة٢ : ٨ ـ ١٠ وقد اطلق الخضرة على السواد هنا كما قد يطلق السواد على الخضرة فيقال : سواد العراق يراد خضرة زروعها ، إذ الخضرة من بعيد زرقاء داكنة مكدّرة اللون.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٨٠ إعلام الورى : ٥٠ وقصص الأنبياء : ٣٢٩ والمناقب ١ : ٦٥.
(٣) اكمال الدين : ١٧٢.