ذوو البيوتات والاسر بعشائرهم ، وهاجر بعضهم ومن سواهم الى الحبشة ، ورجع منهم من رجع بجوار أو اختفى ، وبقي الباقون في الحبشة ، فرجع بعضهم الى المدينة بعد بدر ، وكان آخر من رجع العشرون رجلا وامرأة في السفينتين بعد الحديبية وقبل خيبر.
وان كان ابو سلمة المخزومي قد ترك حمى عشيرته بني مخزوم مستجيرا بخاله أبي طالب ، فانّ عثمان بن مظعون الجمحي دخل بجوار من الوليد بن المغيرة المخزومي (١) ، ولكنّه :
لمّا رأى ما فيه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله من البلاء وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة ، قال : والله انّ غدوّي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك ، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني ، لنقص كبير في نفسي.
ثمّ مشى الى الوليد بن المغيرة فقال له : يا أبا عبد شمس ، وفت ذمّتك ، قد رددت إليك جوارك ... قال : فانطلق الى المسجد فاردد عليّ جواري علانية كما أجرتك علانية. فانطلقا فخرجا حتّى أتيا المسجد ، فقال الوليد : هذا عثمان قد جاء يردّ عليّ جواري. قال : صدق ، قد وجدته وفيّا كريم الجوار ولكنّي قد أحببت أن لا أستجير بغير الله ، فقد رددت عليه جواره. ثمّ انصرف.
وكان لبيد بن ربيعة الشاعر جالسا في مجلس قريش ينشدهم ، فجلس معهم عثمان ، فقال لبيد : ألا كلّ شيء ـ ما خلا الله ـ باطل. فقال عثمان : صدقت. قال لبيد : وكلّ نعيم ـ لا محالة ـ زائل. فقال عثمان : نعيم الجنة لا يزول. فقال لبيد : يا معشر قريش ، والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم؟
__________________
(١) فهذا الخبر أيضا من الأخبار الّتي تنافي هلاك الوليد مع المستهزئين الستة.