قال الخطّابي معلّقا على هذا الحديث : في الحديث دلالة على أن لا حاجة إلى عرض الحديث على الكتاب ، وأنّه مهما ثبت عن رسول الله شيء كان حجة بنفسه فأمّا ما رواه بعضهم أنّه قال : إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه ... فإنّه حديث باطل لا أصل له. وقد حكى زكريا الساجي عن يحيى بن معين أنّه قال : هذا حديث وضعته الزنادقة (١).
وقد بحث هذا الموضوع العلّامة المحقّق السيد مهدي الروحاني في كتابه «بحوث مع أهل السّنّة والسلفية» وخلص إلى القول : بأنّ هذه الأحاديث ـ أي أحاديث عرض الحديث على الكتاب ـ ناظرة إلى قبول الموافق وردّ المخالف ، أمّا ما لا يوافق ولا يخالف فهو باق تحت حجّية الأخبار ، فعدم وجود معنى حديث ما في كتاب الله لا يفيد مخالفة هذا الحديث له.
٢ ـ بالاعتماد على القرآن الحكيم علينا أن نحدّد معالم شخصية الرسول الكريم الّتي تمثّل أسمى إنسان وجد ويوجد على وجه الأرض ، متّصفا بصفات الفضل والكمال متخليا عمّا عداها ، حتّى جعله الله لنا اسوة وقدوة مطلقا فقال : و (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(٢) فهو كما وصفه حفيده الإمام الهادي عليهالسلام في الزيارة الجامعة : «عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن ، وطهّركم من الدنس ، وأذهب عنكم الرجس وطهّركم تطهيرا» فهو المعصوم عن المعاصي والمبرّأ من كلّ عيب وعاهة وآفة منفرة للناس عنه ، فلا يرى في اعماله أي تشتّت أو ضعف ، ولا في اقواله أي تناقض أو تهافت أو سخف ، بل الفضائل الكاملة ، والصفات الإنسانية الرفيعة الفاضلة : حكمة وعلما ، وشجاعة وحزما ، وسكينة ووقارا ، و ... وبكلمة : هو خليفة الله في أرضه وحجته على عباده.
__________________
(١) نقلا عن عون المعبود في شرح سنن ابي داود ٤ : ٣٢٩ من الطبعة الحجرية.
(٢) الممتحنة : ٦.