ومن المحتمل كذلك أيضا أن تكون الآية بل السورة ممّا نزل في أواخر السنة الحادية عشرة للبعثة ، قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة ، اذ كان قد قدم مكّة من أرض الحبشة أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي مع زوجته أمّ سلمة ، فلمّا آذته قريش وبلغه اسلام من أسلم من الأنصار خرج الى المدينة مهاجرا فكان أوّل من هاجر الى المدينة من أصحاب رسول الله (١).
ومنها قوله سبحانه : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)(٢).
قال القمي في تفسيره : هو لسان أبي فكيهة مولى ابن الحضرمي ، كان أعجمي اللسان ، وكان قد اتبع نبيّ الله وآمن به ، وكان من أهل الكتاب ، فقالت قريش : هذا ـ والله ـ يعلّم محمّدا بلسانه (٣).
ونقل الطبرسي عن مجاهد وقتادة قالا : أرادوا به عبدا لبني الحضرمي روميا يقال له عائش ، صاحب كتاب ، أسلم وحسن اسلامه.
وعن عبد الله بن مسلم قال : كان في الجاهلية غلامان نصرانيان من أهل عين التمر (في العراق) اسم أحدهما يسار والآخر خير ، كانا يقرءان كتابا لهما بلسانهم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله ربما مرّ بهما واستمع لقراءتهما ، فقالوا : إنّما يتعلم منهما (٤).
وعن ابن عباس قال : قالت قريش : إنّما يعلمه بلعام ، وكان قينا روميا نصرانيا بمكّة (٥).
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة٢ : ١١٢.
(٢) النحل : ١٠٣.
(٣) تفسير القمي ١ : ٣٩٠.
(٤) أسباب النزول للواحدي : ٢٣١ ط الجميلي.
(٥) مجمع البيان ٦ : ٥٩٥ وروى السيوطي عنه أيضا قال : كان رسول الله يعلّم قينا