الناس ، فقدم على رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال :أفلح أبو اليقظان! قال : ما أفلح ولا أنجح لنفسه ، لأنهم لم يزالوا يعذّبونه حتّى نال منك! (١).
وما أخرجه السيوطي عن ابن عباس قال : لمّا أراد الرسول أن يهاجر الى المدينة قال لأصحابه ... فأصبح بلال وخبّاب وعمّار ... فأخذهم المشركون ... وأمّا عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم ، تقية ... ثمّ خلّوا عنهم (٢).
فهذه الأخبار تناسب هذه الفترة وهذه المرة أي حين الهجرة ، ولا ترتبط بما حدث له في المرة الاولى حين نزول سورة النحل أواخر أيام حصار الشعب ، من تعذيب مشركي قريش له ولوالديه وقتلهما وتقيّته وافلاته بها ، وقول الرسول له يومئذ «ان عادوا لك فعد لهم» مشيرا الى تكرار الأمر هذه المرة حين الهجرة ، فكان كما أشار وألمح صلىاللهعليهوآله.
وعليه فما في الخبر عن ابن عباس : «أن أبا جهل أسر عمارا وبقر بطن أمه» وما في آخره : «أن النبيّ جعل يمسح عينيه ويقول : «إن عادوا لك فعد لهم بما قلت» خلط ووهم ، اذ كيف يقول له الرسول ذلك في المدينة بعد الهجرة حيث لا يتوقع عودة مشركي قريش الى تعذيب عمار؟! وكذلك أيضا ما في آخر خبر الكشي عن ابن سعد كاتب الواقدي : أنه قال له : «إن سألوا من ذلك فزدهم» إذ كيف يسألونه ذلك بعد أن قدم على رسول الله المدينة كما في الخبر.
كما أن ذيل خبر السيوطي : «ثم خلّوا عن بلال وخبّاب وعمّار فلحقوا برسول الله فأخبروه بالذي كان من أمرهم ... وأنزل الله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) خلط لما نزل من القرآن في عمار في المرة الاولى ـ في سورة
__________________
(١) رجال الكشي : ٣٥ ط مشهد.
(٢) الدر المنثور ٤ : ١٣٢.