النحل ـ بما كان على عمار وصاحبيه بلال وخبّاب في هذه المرة الثانية حين هجرتهم الى المدينة ، مما يستلزم استثناء هذه الآيات من مكية سورة النحل بلا موجب. كما مرّ ذلك عند الكلام حول الآيات من سورة النحل.
ومنها قوله سبحانه : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ)(١).
روى السيوطي في «الدر المنثور» عن سعد بن أبي وقاص قال : قالت أمي : لا آكل طعاما ولا أشرب شرابا حتّى تكفر بمحمّد ، فامتنعت من الطعام والشراب ، فنزلت الآية : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً).
وروى الطبرسي في «مجمع البيان» عن الكلبي قال : نزلت الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) في عيّاش بن أبي ربيعة المخزومي ، وذلك أنّه أسلم فخاف أهل بيته فهاجر الى المدينة قبل أن يهاجر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فحلفت أمه أسماء بنت مخزمة التميمي : أن لا تأكل ولا تشرب ولا تغسل رأسها ولا تدخل بيتا حتّى يرجع إليها.
فلمّا رأى ابناها ابو جهل بن هشام والحرث بن هشام جزعها ، ركبا في طلبه حتّى أتيا المدينة ، فلقياه وذكرا له القصة ، فلم يزالا به حتّى أخذ عليهما المواثيق أن لا يصرفاه عن دينه ، فتبعهما.
__________________
(١) العنكبوت : ٨ ـ ١١.