فلمّا خرجا به من المدينة أخذاه وأوثقاه كتافا وجلداه حتّى برئ من دين محمّد صلىاللهعليهوآله جزعا من الضرب وقال ما لا ينبغي ، فنزلت الآية (١).
وعليه فالآية تتنبّأ عن عودته عند حصول نصر الله لرسوله ، ثمّ لا تستبعد الآية أن يكون مؤمنا بباطنه فالله أعلم به ، وكذلك كان ، فان تمام خبر الطبرسي عن الكلبي : أنّه لما هاجر النبيّ صلىاللهعليهوآله والمؤمنون الى المدينة هاجر عياش وحسن اسلامه وحيث كان أشد أخويه عليه الحرث لذلك كان عياش قد حلف لئن قدر عليه خارجا من الحرم ليضربن عنقه ، وأسلم الحرث وهاجر الى المدينة وبايع النبيّ صلىاللهعليهوآله على الاسلام ، وكان عياش خارجا عن المدينة فلم يشعر باسلامه حتّى لقيه يوما بظهر قبا فضرب عنقه ، ولما علم باسلامه بكى واسترجع ، ونزلت فيه : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً)(٢) فأنبأت عن ايمانهما. وعليه فلعل الاشارة بالمنافقين الى السابق : سعد بن أبي وقاص بلحاظ ما بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وبعدها قوله سبحانه : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ)(٣).
قال القمي في تفسيرها : كان الكفار يقولون للمؤمنين : كونوا معنا ، فان الّذي تخافون انتم ليس بشيء ، فان كان حقا فانا نتحمل ذنوبكم.
فيعذبهم الله مرتين مرة بذنوبهم ومرة بذنوب غيرهم (٤).
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٤٢٩.
(٢) مجمع البيان ٨ : ٤٢٩ ، ٤٣٠.
(٣) العنكبوت : ١٢ ، ١٣.
(٤) تفسير القمي ٢ : ١٤٩. وروى السيوطي في الدر المنثور بسنده عن محمّد بن الحنفية قال : كان ابو جهل وصناديد قريش اذا جاء الناس يسلمون يتلقونهم فيقولون : انّه يحرم الخمر ويحرم الزنا فارجعوا ونحن نحمل أوزاركم فنزلت الآية.