وأمّا ما لي عليكم : فتنصروني مثل نسائكم وأبنائكم ، وأن تصبروا على عضّ السيف وأن يقتل خياركم (١).
قالوا : فاذا فعلنا ذلك فما لنا على الله؟
قال : أمّا في الدنيا فالظهور على من عاداكم ، وفي الآخرة الرضوان والجنة.
فقال أبو الهيثم ابن التيهان : إنّ بيننا وبين الرجال حبالا ، فهل عسيت إن نحن قطعناها أو قطعوها ثمّ أظهرك الله أن ترجع الى قومك وتدعنا؟
فتبسّم رسول الله ثمّ قال : بل الدم الدم والهدم الهدم احارب من حاربتم واسالم من سالمتم.
فأخذ البراء بن معرور بيده ثمّ قال : والّذي بعثك بالحقّ لنمنعنك بما نمنع به ازرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ، ورثناها كبارا عن كبار.
فقال رسول الله : أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا. فاختاروا.
فقال لهم : ابايعكم كبيعة عيسى بن مريم للحواريين ، كفلاء على قومكم ، على أن تمنعوني ممّا تمنعون منه نساءكم وأبناءكم. فبايعوه على ذلك.
فصرخ الشيطان في العقبة : يا أهل الجباجب (٢) هل لكم في محمّد والصباة معه؟! فانهم قد اجتمعوا على حربكم. ففشا الخبر ونفر الناس وخرجوا في الطلب ، فلم يدركوا منهم الّا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ، فأمّا المنذر فاعجز القوم هربا ، وأمّا سعد فأدركوه فأخذوه وربطوه بحبل رحله وأدخلوه مكّة يضربونه.
__________________
(١) وهذا معناه أن بيعة النساء السابقة تغيّرت هنا الى بيعة القتال والحرب.
(٢) الجباجب : جمع جبجبة : الوعاء من أدم ونحوه ، وتطلق على منازلهم في منى لأنها أوعية لهم.