البساتين لصلاح تربتها للزراعة نسبيا. وكان اسمها قبل الإسلام يثرب ، وبعد هجرة الرسول صلىاللهعليهوآله إليها سميت : مدينة الرسول ، وحذف المضاف إليه تخفيفا فقيل : المدينة.
ويقال : إنّ العمالقة أوّل من سكنوا المدينة أو يثرب ، وظلّوا بها حتّى نزلها اليهود في القرن الثاني الميلادي على اثر اضطهاد الرومان لهم في فلسطين ، والمظنون أنّهم هاجروا من موطنهم الأصلي في فلسطين إلى الجزيرة على إثر ضغوط القيصر نينوس عليهم وهدمه لهيكلهم سنة ٧٠ م وكذلك اصطدام القيصر هوريان بهم سنة ١٣٢ م ففي هذه الأثناء فرّ كثير منهم إلى الحجاز (١).
ونرى أنّ الحجاز منطقة جرداء تقريبا لا تصلح للزراعة والعمل ، فهي لا تصلح للسكنى والحياة ... وهذا قد جعل المنطقة في مأمن من فرض السيطرة عليها من قبل الدولتين العظميين آنذاك : الروم والفرس ، ولذلك لا نرى لهم أي أثر فيها ، إذ لم يكن لهم أي مغنم في تجهيز الجيوش إليها ، فهم ان فعلوا ذلك كان عليهم أن يرجعوا عنها خائبين خاسرين.
وقد نقل بعض المؤرخين اليونانيين : أنّ القائد اليوناني الكبير : دمريوس ، عزم على تسخير الجزيرة حتّى وصل إلى قرية : پترا ـ ولعلها ماء بدر ـ فقال له أهلها : أيّها القائد اليوناني! لما ذا تحاربنا؟ فنحن نعيش في صحاري ليس فيها أي شيء للعيش ، وقد اخترنا هذه الصحارى القاحلة الجرداء كي لا نذعن لأمر احد ، فاقبل هدايانا وانصرف عنا. والّا فنحن نعلمك أنّك ستصاب بمصائب عظيمة ومشاكل كثيرة : واعلم أنّ أحدنا لا ينفكّ عمّا هو عليه من الخلق والعادة ، فلو تقدمت فينا وأسرت منّا اناسا تريد أن تذهب بهم فإنّك لن ترى نفعا فيهم فإنّهم سوف يقابلونكم بسوء الأعمال والنيّات لا يغيرون شيئا ممّا هم عليه!
__________________
(١) راجع : الجزء السادس من تأريخ العرب قبل الإسلام ، لجواد علي.