وكان من بيت الشرف والفخار معروفا بالعقل والكفاءة (١) فدعاهم إلى توحيد الله سبحانه وأن يتركوا عبادة الاصنام وأن يسيروا في مجتمعهم بالعدل والاحسان وأن لا يطغوا ولا يسرفوا (٢) فقام بالدعوة إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة وصبر على الأذى في جنب الله ، فلم يؤمن به إلّا جماعة قليلة من الضعفاء (٣).
أمّا الطغاة والمستكبرون وعامة من تبعهم فقد اصرّوا على كفرهم واستذلّوا الذين آمنوا به ورموه بالسفاهة والسحر (٤) وطلبوا منه البيّنة على كلامه وسألوه آية معجزة تدلّ على صدقه في دعوى الرسالة ، واقترحوا له أن يخرج لهم من صخر الجبل ناقة ، فأتاهم بناقة على ما وصفوها له ، وقال لهم : إنّ الله يأمركم أن تشربوا من عين مائكم يوما وتكفّوا عنها يوما فتشربها الناقة ، فلها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم ، وأن تذروها تأكل في أرض الله ولا تمسّوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب (٥) وكان الأمر على ذلك حينا. ثمّ إنّهم مكروا وطغوا وبعثوا أشقاهم لقتل الناقة فعقرها. وقالوا لصالح : ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال صالح عليهالسلام : تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّام ذلك وعد غير مكذوب (٦).
ثمّ مكرت شعوب المدينة وأرهاطها بصالح (تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ)(٧)(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ
__________________
(١) هود : ٦٢ ، والنمل : ٤٩.
(٢) هود والشمس.
(٣) الاعراف : ٧٥.
(٤) الاعراف : ٦٦ ، والشعراء : ١٥٣ ، والنمل : ٤٧.
(٥) الاعراف : ٧٢ ، والشعراء : ١٥٦ ، وهود : ٦٤.
(٦) هود : ٦٥.
(٧) النمل : ٤٩.