فظهر أنّ القطع بقسميه ليس من المسائل الاصولية ، وإنّما ذكر هنا باعتبار أنّ القطع بالحكم هو نتيجة لها ـ أي للمسائل الاصولية ـ فإنّ نتيجتها استنباط الحكم والقطع به ، فافهم وتأمّل.
ثمّ إنّ الشيخ الأنصاري قدسسره قسم المكلّف إلى قاطع بالحكم الواقعي ، وظانّ به ، وشاكّ به (١) فالقاطع بالحكم الواقعي يتبع قطعه لأنّه حجّة عقليّة ، والظانّ إن قام دليل دالّ على حجّية ظنّه يتبعه أيضا ، وإلّا فهو والشاكّ يرجعان إلى الاصول العمليّة.
وقد أورد عليه الآخوند قدسسره بأنّ الحكم تارة يكون واقعيّا واخرى ظاهريّا ، فالمناسب تعميم الحكم إلى جميع أقسامه ـ أي إلى الواقعي والظاهري ـ فقسّم فقال ما مضمونه : إنّ المكلّف ـ أي الّذي وضع عليه قلم التكليف ـ إذا التفت إلى الحكم الفعلي الواقعي أو الظاهري فإمّا أن يقطع به ، وإمّا أن يستقلّ عقله باتّباع ظنّه لو تمّت له مقدّمات الانسداد ، وإن لم تتمّ مقدّمات الانسداد أو تمّت ولم يكن يحصل عنده الظنّ ينتهي إلى الاصول العمليّة ، فعمّم الحكم في تقسيمه إلى الظاهري والواقعي (٢).
وأمّا تخصيصه بالفعلي فليس من مختصات تقسيمه ، لأنّ الحكم في لسان الشيخ قدسسره أراد به الحكم الفعلي ، إذ الحكم الإنشائي إن كان بمعنى الحكم الجعلي فقبل وصوله إلى مرتبة الفعليّة بوجود موضوعه لا جدوى في التفات المكلّف له (*) والإنشائي بمعنى آخر لا معنى له كما سنذكره في مبحث البراءة إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٢٥ و ٢ : ٩.
(٢) انظر الكفاية : ٢٩٦.
(*) على أنّ الحكم الإنشائي كذلك بلحاظ آثاره ، فإن للمجتهد الفتوى على طبقه فلا بأس بإطلاق الحكم في كلام الشيخ بنحو يشمل الإنشائي أيضا. (من إضافات بعض الدورات اللاحقة).