ومنه أيضا يظهر الجواب عن كونه جامعا لعلم ما كان وما يكون وما هو كائن ، فإنّه إن لم يكن له ظهور كيف يكون جامعا لذلك؟ بل معنى كونه جامعا أنّ كلّ إنسان يستفيد من ظهوره بمقدار استعداده.
كما ظهر الجواب أيضا عن كونه من قبيل الرموز والإشارات والطلسمات ، فإنّه مسلّم في أوائل السور ، لعدم ظهور لها ، وأمّا ما له ظهور فكونه رمزا بمعنى أنّه ليس له ظاهر ممنوع ، وبمعنى آخر لا يقدح في المدّعى.
وبالجملة فقد ظهر أنّ القرآن ظهوره حجة ومعلوم المعنى وإلّا لم يكن معجزا ولما دعا جميع من أسلم أوّلا إلى الإسلام لفصاحته وبلاغته التي جلبت الالوف من الكفرة المعاندين إلى الإسلام. هذا تمام الكلام في حجية الظهورات.
وقد ظهر من مجموع ما ذكر في حجية الظواهر أنّ حجية الظواهر قد استقرّ عليها بناء العقلاء وأنّ احتمال إرادة خلاف الظاهر ـ بمعنى عدم مطابقة الإرادة الاستعمالية للإرادة الجدّية ـ إمّا لاحتمال غفلة المتكلم عن نصب القرينة أو لاحتمال كون المصلحة في إخفاء القرينة والمفسدة في إظهارها أو لاحتمال اعتماده على قرينة مقالية منفصلة ولم تصل ملغى عندهم كافة لا يلتفتون إليها أصلا. فإنّها لا توجب ارتفاع الظهور وإنّما ترفع حجّيته ومعلوم أنّ الحجّة إنّما ترتفع بالحجة الأقوى وكونها حجّة إنّما هو فرع وصولها ، فإذا فرض أنّها لم تصل فلا حجّة أقوى حتّى يرفع اليد بواسطتها عن حجّيّتها هذا الظهور ، فافهم.
وبما ذكرنا ظهر أنّ مرجع العقلاء في المقام إلى أصالة الظهور الّذي هو أصل وجودي لا إلى أصالة عدم القرينة الّذي هو أصل عدمي في دفع هذه الاحتمالات الثلاثة ، لعدم جريان أصالة عدم القرينة ؛ لأنّ القرينة في الصورتين الأولتين مقطوع بعدمها حسب الفرض ، وفي الصورة الثالثة لا أثر مترتّب على عدم القرينة واقعا حتّى يجري الأصل ، وعدم الوصول محرز بالوجدان فلا يحتاج إلى أصل يحرزه فافهم ، نعم إذا شك في معرفة السامع بمعاني تلك الألفاظ أو من جهة احتفاف الكلام