بما يصلح للقرينية كما في عود الضمير الخاص على العام وتعقّب الاستثناء للجمل المتعددة ووقوع الأمر عقيب الحظر أو توهّمه ففي القسم الأوّل وهو مورد جهل السامع بمعاني تلك الألفاظ لا إشكال في معاملته معاملة المجمل. وفي القسم الثاني وهو احتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة المعبّر عنه في لسان الأصحاب باحتمال قرينيّة الموجود ، فلا يمكن أيضا التمسك بالظهور ؛ لأنّ المفروض أن لا ظهور أصلا.
نعم ، من بنى على أصالة الحقيقة تعبّدا كما يلوح من بعض القدماء كالسيّد المرتضى قدسسره في بعض كلماته (١) يمكنه التمسّك بأصالة الحقيقة فيه إلّا أن يقال : إنّ أصالة الحقيقة إنّما يتعبّد بها في غير هذا المورد وهي موارد احتمال وجود قرينية لا احتمال قرينية الموجود فتبقى موارد احتمال قرينيّة الموجود بحكم المجمل في عدم إمكان التمسّك بظهور اللفظ لو فرض عدم القرينة ، وهذا وجه قول الآخوند قدسسره (٢) وإن لم يكن بخال عن الإشكال بناء على حجّية أصالة الحقيقة من باب التعبّد فافهم ، نعم إذا شكّ في وجود القرينة الصارفة للّفظ عن ظاهره فلا إشكال حينئذ في التمسّك بالظهور لبناء العقلاء على إلغاء هذا الاحتمال وعدم ترتيب أثر عليه ولم يرد من الشارع ما ينهى عن هذه السيرة المستمرّة ، وذلك كاشف عن إمضائه ما عليه العقلاء في المقام.
وهذا الشكّ الّذي هو شكّ في وجود القرينة يتصوّر على نحوين :
أحدهما : أن يحتمل السامع أنّه غفل عن القرينة المتّصلة الّتي أدلى بها المتكلّم ، وهذا الاحتمال كما ذكرنا ملغى عندهم ، وإنّما الكلام في أنّ إلغاء هذا الاحتمال هل هو اعتماد على أصالة الظهور الّذي هو أصل وجودي أو أنّه اعتماد على أصالة عدم القرينة الّتي هي أصل عدمي وبها ينقّح الظهور. ذهب إلى الأوّل الآخوند قدسسره (٣) وإلى
__________________
(١) انظر الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٣.
(٢) الكفاية : ٣٢٩.
(٣) المصدر المتقدّم.