ثمّ إنّ اتّفاق الأصحاب كما لا يثبت قول المعصوم كذلك لا يثبت أنّ ما أفتى به الأصحاب مستند إلى حجّة صحيحة أو أنّه يثبت ذلك فنقول : إن كان إجماعهم موافقا للأصل والقاعدة فلا ، وأمّا إن لم يكن إجماعهم على طبق الأصل والقاعدة فإن كان جميع الفقهاء متّفقين حتّى أصحاب الأئمّة سلام الله عليهم فلا ريب في كشفه عن وجود الحجّة المعتبرة ، وإن كان من جهة أنّ جملة من القدماء أفتوا بالحكم استنادا إلى الأصل أو القاعدة وتبعهم المتأخّرون محتجّين باتّفاقهم فلا يكشف أيضا عن وجود الحجّة المعتبرة ، وغالب الإجماعات المنقولة من هذا القبيل.
فتلخّص ممّا ذكرنا أنّ الإجماع المنقول كما لا يكشف عن قول المعصوم عليهالسلام كذلك لا يكشف عن وجود الحجّة المعتبرة إلّا حيث يعلم اتّفاق الكلّ وعدم استناد بعضهم إلى اتّفاق الباقين ، وهو قليل جدّا في الإجماعات المنقولة الّتي بأيدينا. (نعم لو كان الناقل للإجماع ناقلا لقول المعصوم أو رأيه عن حسّ جرى عليه حكم الإخبار عن حسّ ، وكذا إن كان عن حدس قريب إلى الحسّ ، وإن كان إخباره عن حدس غير منته إلى الحسّ فلا ريب في عدم حجّية نقله. وإن شكّ في كون إخباره حسيّا أو حدسيّا فالظاهر استقرار بناء العقلاء على كون إخباره حسيّا حتّى يثبت كونه حدسيّا. ولا يخفى أنّ أغلب نقلة الإجماع من القسم الثالث وأخبارهم حدسي فلا يجدي شيئا. نعم لو علمنا أنّ السبب الّذي حصل لهم منه الحدس شيء لو حصل لنا لحصل لنا منه الحدس بقول المعصوم عليهالسلام فلا ريب في قبول قولهم في حصول ذلك السبب ، لأنّه حسّي وما دلّ على قبول خبر العادل والثقة يشمله قطعا ، فيثبت عندنا تحقّق ذلك السبب الحسّي والمفروض حصول العلم منه حدسا بقول الإمام عليهالسلام.
ولا يخفى أنّ ناقل الإجماع إن كان نقله بلفظ «أجمع المسلمون» فلا ريب في ادّعائه بدخول المعصوم في المجمعين فينبغي قبوله إلّا أنّ الشأن في احتمال تحقّق مثل هذا الإجماع ، لأنّ من كان في عصر الأئمّة لم يدّع مثل هذا الإجماع ومن بعدهم لم يشاهدوا الأئمّة ليطّلعوا على دخولهم في ضمن المجمعين قطعا. وإن كان الناقل