الثاني : حمل الأخبار المانعة على الأخبار الواردة في اصول العقائد ، فإنّهم عليهمالسلام كما ذكرنا كثر كذب الكذبة عليهم في زمن الصادقين ، وكان كذبهم عليهم غالبا في اصول العقائد لتشويه سمعتهم.
الثالث : حمل الأخبار المانعة عن العمل بما لا يوافق الكتاب أو لم يكن عليه شاهد أو شاهدان من كتاب الله تعالى على صورة تعارض الخبرين ، كما هو مفروض في الأخبار العلاجيّة بعد الترجيح بالشهرة والعدالة ، وحينئذ فالخبر المشهور مقبول وإن كان مؤدّاه غير موافق ، وإذا كان كلا الخبرين مشهورا فقول الأعدل (١) مقدّم وإن لم يكن موافقا ، وإن كانا متساويين في العدالة فما كان موافقا أو كان عليه شاهد أو شاهدان من كتاب الله تعالى (٢) فهو المقبول.
الرابع وهو أمتن الوجوه : إنّ هذه الأخبار عامّة لكلّ خبر ، وما دلّ على حجّية خبر الثقة أخصّ منها فيكون مخصّصا لعمومها ، وحينئذ فمعناها أنّ ما لم يوافق كتاب الله لم نقله (٣) أو زخرف (٤) باطل (٥) إلّا أن يكون خبر واحد ثقة فيقبل ، فتأمّل (*) (وبالجملة فبعد وجود الدليل القطعي على حجّية خبر الثقة ـ كما سيأتي ـ لا بدّ من حمل هذه الأخبار الناهية على أحد هذه المحامل بنحو مانعة الخلوّ ، ومع عدم الدليل القطعي فالأصل يقتضي المنع فلا حاجة إلى الأخبار) (٦) ، هذا تمام الكلام في ردّ الاستدلال بالأخبار على عدم حجّية أخبار الآحاد.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٧٥ ، الباب ٩ من صفات القاضي ، الحديث الأوّل.
(٢) المصدر السابق ، الحديث ١٨.
(٣) المصدر السابق ، الحديث ١٥.
(٤) الوسائل ١٨ : ٧٩ ، الباب ٩ من صفات القاضي ، الحديث ١٢ و ١٤.
(٥) المصدر السابق ، الحديث ٤٨.
(*) أشرت بالتأمّل في المحمل الرابع إلى أنّ لسانها آب عن التخصيص كما عرفت ، (الجواهري).
(٦) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.