الحال فإنّ التبيّن لم ينقل عن معناه اللغوي الّذي هو بمعنى الظهور ومنه قوله تعالى : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(١) أي حتّى يظهر. وحينئذ فالمراد من التبيّن الظهور ، ومن ثمّ استفيد حجّية خبر العادل من مفهومه فإنّه باعتبار كونه بنفسه ظاهرا وواضحا ، ولا معنى لطلب ظهور الظاهر ووضوح الواضح. فإذا علم أنّ المراد من التبيّن هو الظهور فإذا أردت أن تعرف الظهور فالمرجع إلى الشارع ، فمثلا الشارع نزّل البيّنة منزلة الظهور فجعلها فردا من أفراد الظهور في جملة من الموارد ، وكذلك خبر العادل في الأحكام ، وأمّا في الموضوعات وخصوصا الارتداد فلم يجعل قول العادل الواحد ظهورا ، بل قيّد كونه ظهورا بانضمام شخص آخر عادل إليه ، وحينئذ فلا يلزم إلّا تقييد المورد وهو غير ضائر ، فافهم.
الخامس ممّا اورد على آية النبأ : أنّ السيّد المرتضى من جملة العدول وقد نقل الإجماع على عدم حجّية الخبر الواحد (٢) فبموجب حجّية خبر الواحد يلزم عدم حجّية خبر الواحد ، وما يلزم من وجوده عدمه محال.
والجواب أوّلا : أنّ السيّد المرتضى نقل الإجماع على عدم الحجّية وقد ذكرنا في موارد عديدة أنّ خبر الواحد إنّما يكون حجّة حيث يكون المخبر به أمرا حسيّا ، ومن المعلوم أنّ المخبر به في المقام أمر حدسي فإنّ السيّد ينقل الإجماع ولا ينقل خبرا حسيّا سمعه من المعصوم عليهالسلام.
وثانيا : أنّ خبر السيّد قدسسره معارض بنقل الشيخ الإجماع على حجّية الخبر الواحد (٣) ويأتي أنّ الخبرين المتعارضين لا تشملهما أدلّة الحجّية.
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.
(٢) انظر رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٤ و ٣ : ٣٠٩.
(٣) العدّة ١ : ١٢٦.