موارد القياس وكثرة موارد العمل باخبار الآحاد ، فيكون عدم وصول النهي دليلا على إمضاء الشارع المقدّس سيرة العقلاء.
ولا يخفى أنّ هذا موقوف على عدم الردع ، وقد يدّعى الردع بالآيات الناهية عن اتّباع الظنّ بدعوى شمولها لخبر الواحد المفيد للظنّ الّذي هو محلّ الكلام ، أمّا ما يفيد القطع فهو خارج عن محلّ كلامنا.
وقد أجاب الآخوند قدسسره بعدم إمكان الردع بهذه الآيات بوجوه ثلاثة ، ذكر في متن الكفاية أحدها ، وفي حاشية الرسائل اثنين منها :
أمّا ما ذكره قدسسره في متن الكفاية (١) فملخّصه : أنّ كون الآيات رادعة عن السيرة مستلزم للدور ، لأنّ رادعيّتها موقوف على شمول عمومها أو إطلاقها للسيرة ، وشمولهما للسيرة موقوف على عدم تخصيص السيرة لعمومها أو إطلاقها ، وعدم التخصيص موقوف على الرادعيّة.
ثمّ أشكل على نفسه بأن التخصيص بالسيرة أيضا دوريّ بتقريب : أنّ تخصيص السيرة للعموم وتقييدها للاطلاق موقوف على عدم الردع ، وعدم الردع موقوف على التخصيص. وأجاب بأنّ تخصيص السيرة ليس موقوفا على عدم الردع واقعا بل على عدم ثبوت الردع.
ولا يخفى ما في كلامه ، فإنّ تخصيص السيرة للعموم لو سلّمنا توقّفه على عدم ثبوت الردع فيرتفع الدور ، فكذا العموم موقوف على عدم ثبوت التخصيص فيرتفع الدور السابق لا على نفس عدم التخصيص كي يبقى ، على أنّ عدم ثبوت الردع لا يكفي بل لا بدّ من ثبوت عدم الردع الّذي هو عبارة عن الإمضاء الشرعي ، وعليه فيمكن أن يقال : إنّ الأمر بالعكس وأنّه يرتفع الدور في الأوّل دون الثاني ، لأنّه يكفي في العمل بالعموم عدم ثبوت التخصيص ، لأنّ العموم حجّة بظهوره حتّى
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٤٨.