أعني الحجّيّة ثمّ انكشف عدمها) (١) أو قام ظنّ معتبر وخالفه أو أصل من الاصول العمليّة وخالفه وصادف مخالفة القطع والظنّ والأصل العملي للواقع ، (بل من موارد التجرّي موارد مخالفة الحكم العقلي كاقتحام أحد أطراف الشبهة المحصورة أو قبل الفحص ثمّ ينكشف إباحته وإنّه غير محرّم) (٢).
وبالجملة ، التجرّي في كلّ مورد يتنجّز الحكم الشرعي فيخالفه وتظهر مخالفة الحكم المنجّز للحكم الواقعي.
وربّما يقال باختصاص التجرّي في صورة قيام القطع ، وأمّا صور قيام الظنّ أو الاصول فلا يعقل التجرّي فيها ، لعدم إمكان ظهور المخالفة فيها ، لأنّ الأحكام الظاهريّة أحكام في صورة الشكّ مجعولة ، فلو علمنا بالحكم الواقعي بعد ذلك الشكّ فعدم العمل بالحكم الظاهري ، لعدم موضوعه وهو الشاكّ ، والشاكّ لا يعقل أن ينكشف له خلاف الحكم الظاهري وهو شاكّ أصلا. وبالجملة ، فالأحكام الظاهريّة لا ينكشف خلافها ، والعلم بالحكم الواقعي يكون من قبيل تغيّر الموضوع. (وكذا الكلام في الأمارات فإنّها موضوعة في ظرف الشكّ) (٣).
ولا يخفى فساده ، فإنّ هذا الكلام مبنيّ على سببية الأمارات وإنّ متعلّقها يكون مشتملا على المصلحة الفائتة من فوات الحكم الواقعي ، ولكنّ الصحيح أنّ حجيّتها ـ أي حجّية الطرق والأمارات ـ ليس من باب السببيّة ، بل من باب الطريقيّة ، وحينئذ فلا يترتّب على الطرق والأمارات غير ما يترتّب على الواقع نفسه ، وحينئذ فالعلم بالحكم الواقعي بعد ذلك لا يوجب تغيّر الموضوع وارتفاعه وأنّ ما تركه تجرّيا من الحكم الواقعي عصيان ليس إلّا ، لمخالفته للحكم الظاهري فإنّ الحكم الظاهري لا يترتّب عليه طاعة وعصيان إلّا بلحاظ الحكم الواقعي ، فافهم وتأمّل.
__________________
(١ ـ ٣) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.