وأمّا الاصول فما كان منها مثبتا فإن كان قاعدة الاشتغال ـ كما في أطراف العلم الإجمالي ـ فلا ريب في جواز الاحتياط فيها ، كما إذا شك في أنّ الواجب عليه هو القصر أو الإتمام فلا ريب في جواز الجمع. وإن كان نظير الاستصحاب المثبت للتكليف ، فإن قلنا بجواز جريانه في المقام ونظائره ممّا يعلم إجمالا انتقاض الحالة السابقة في بعض أفراده إذ المخالفة القطعيّة هي الموجبة لعدم جريان الاصول الاحتماليّة كما عليه الآخوند قدسسره (١) فلا ريب في إجرائه ، وإن قلنا بمقالة الشيخ الأنصاري (٢) والميرزا النائيني قدسسره (٣) فلا يجري الاستصحاب.
وما ذكره الآخوند قدسسره (٤) من جريان الاستصحاب حتّى إذا قيل بعدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي ؛ وذلك لعدم الشكّ الفعلي بالنسبة إلى جميع موارد الاستصحاب ، إذ جريان الاستصحاب في الأحكام تدريجي فلا يقين وشكّ بالنسبة إلى الوقائع الّتي ليست هي محلّا للابتلاء.
لا يخفى عليك ما فيه ، فإنّه وإن كان ما ذكره صحيحا من تدريجيّة مواردها إلّا أنّ المجتهد بعد تمام رسالته العمليّة يعلم إجمالا بوجود أحكام فيها مخالفة للأحكام الواقعيّة فكيف يعطيها للعمل بها مع مخالفة بعضها ـ وهي بعض موارد الاستصحاب ـ فيها للواقع؟
وأمّا الاصول النافية فإن كانت الاصول المثبتة فيها وافية بالأحكام الإلزاميّة المعلومة في الشريعة المقدّسة فلا مانع من التمسّك بالاصول النافية ، لأنّ مواردها حينئذ مشكوكة بالشكّ البدوي ، وإن لم تف بأن بقي لنا علم إجمالي بوجود جملة لا يستهان بها من التكاليف الإلزاميّة في موارد الاصول النافية فالحكم فيها هو الاحتياط.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٥٠ و ٣٥٩.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٤١٠.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٩٠.
(٤) كفاية الاصول : ٣٥٩.