الظاهري والواقعي. ولذا عرّف بأنّه العلم بالأحكام الشرعيّة عن أدلّتها ، ولو كان المراد من الحكم خصوص الواقعي لاكتفى فيه بالظنّ ، ضرورة قلّة حصول العلم بالحكم الواقعي.
وقد تقدّم الكلام في هذه الامور الثلاثة ، ويقع الكلام الآن في الرابع وهو الاصول العمليّة الأربعة ، إذ الشكّ إمّا أن تلحظ فيه الحالة السابقة فالاستصحاب ، وإلّا فإن كان الشكّ في التكليف فالبراءة ، وإن كان في المكلّف به وأمكن الاحتياط فهو ، وإن لم يمكن كما إذا دار بين المحذورين فالتخيير.
وأمّا قاعدة الطهارة فعدم ذكرها لكونها من الامور المتسالم عليها. وعدم جريانها في جميع أبواب الفقه لا يصلح سببا لعدم ذكرها ، لأنّ كثيرا من المباحث الاصوليّة لا تأتي في جميع أبواب الفقه ككون النهي عن العبادات هل يقتضي فسادها أم لا؟ فإنّها لا تجري في غير العبادات.
وكون الطهارة والنجاسة من الامور الواقعيّة والشكّ فيها شكّ في المصداق وليس وظيفة الشارع.
لا يخفى عليك ما فيه ، فإنّ الطهارة والنجاسة من الامور الّتي يدقّ فيها باب الشارع فالشبهة حكميّة ، إذ المصداقيّة ما يكون المرجع فيه أهل العرف.
فقد ظهر أنّ المناسب ذكر أصالة الطهارة أيضا ، وإنّما لم يذكرها الأصحاب ، لكونها مسلّمة عند الكلّ (١).
وكلامنا الآن في أصل البراءة الّذي هو أوّل الاصول العمليّة ، وقد ذكر الشيخ الأنصاري (٢) مسائل البراءة في ثمان مسائل ، لأنّ الشبهة قد تكون وجوبيّة وقد تكون تحريميّة ، وعلى كلا التقديرين فقد تكون لعدم النصّ أو لإجماله أو لتعارض
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٨٤.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ١٨.