النصّين أو من جهة الشبهة المصداقيّة. وإنّما فرّق بين الشبهة الوجوبيّة والتحريميّة ، لأنّ الأخباريّين يقولون بالاحتياط في الثانية دون الاولى ولاختصاص بعض أدلّة البراءة بها كقوله : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (١) كما أنّ بعض أخبار الاحتياط مختصّ بها أيضا (٢).
ولكن لا يخفى أنّ الشبهة المصداقيّة ليست من عمل الاصولي البحث عنها ، لأنّه يبحث عن القواعد الكلّية. ولذا حذفها الآخوند قدسسره (٣) كما حذف صورة تعارض النصّين ، لأنّ المرجع في صورة تعارض النصّين الترجيح أو التخيير فلا مجال للبراءة ، لوجود الحجّة المعتبرة وذكر بقيّة المسائل في مسألة واحدة. ولا يخفى أنّ حذف الشبهة المصداقيّة بمحلّه ، ولكن حذف صورة تعارض الدليلين لم يكن بمحلّه ، لأنّ الدليلين قد يكونان خبرين فالتخيير ، وقد يكونان غيرهما فالتساقط وخروج الخبرين المتعارضين عن مقتضى القاعدة للنصوص الواردة بالخصوص فيهما ، فافهم.
فصل
إنّ التكليف إذا دار بين الوجوب وغير التحريم أو بين الحرمة وغير الوجوب فهل مقتضى القاعدة فيها التمسّك بالبراءة في كلا الموردين كما هو مبنى الاصوليّين (٤) أو أنّه في الشبهة الوجوبيّة تجري البراءة وفي الشبهة التحريميّة يجري الاحتياط
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ١٢٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٠.
(٢) الوسائل ١٨ : ١٢٣ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤١ ، و ١٨ : ١١١ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١ ، و ١٢٢ : ٣٧.
(٣) كفاية الاصول : ٣٨٥ ، في الهامش.
(٤) فرائد الاصول ٢ : ٢٠.