ولا يخفى أنّ قوله : «رفع ما لا يعلمون» معناه أنّ الحكم الظاهري في صورة الشكّ في الحكم الواقعي هو رفع الحكم الملازم للترخيص ، وحينئذ فيكون شرب التتن مرخّصا فيه ، وحينئذ فيكون الفعل الخارجي لمحتمل التحريم في الشبهة التحريميّة والترك الخارجي لمحتمل الوجوب مستندا إلى ترخيص الشارع المقدّس ، فيكون نظير الشبهة الموضوعيّة كالمشتبه كونه طاهرا أو نجسا أو حلالا أو حراما في جواز تناوله استنادا إلى قوله : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام» (١) و «كل شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (٢) وغيرها.
فكما لم يستشكل أحد في الشبهات الموضوعيّة في جواز التناول لوجود الترخيص من قبل الشارع المقدّس ، فكذا هنا لوجود الترخيص وهو قوله : «رفع عن امّتي ما لا يعلمون» فالمرفوع فيها هو الحكم المجهول ، وإذا رفع حكمه فمعناه أنّه مرخّص من قبل الشارع في فعله وتركه ، وإذا رخّص الشارع في شيء فكيف يعاقب عليه أو على تركه؟ لكنّ الكلام كلّ الكلام في أنّ «ما» الموجودة في الحديث ، المراد بها هل هو الحكم وحينئذ فيتمّ الاستدلال ، أو أنّ المراد منها الفعل الخارجي؟ فيكون معناها حينئذ رفع حكم الفعل الخارجي المجهول ، فتكون حينئذ مختصّة بالشبهات الموضوعيّة ، ويكون المعنى أنّ شرب الخمر المجهول كونه شرب خمر رفع حكمه ، وحينئذ فلا تكون دليلا على الشبهات الحكميّة الّذي هو محلّ البحث. وقد ذكروا لكون المراد من (ما) الفعل المجهول نفسه وجوها :
الأوّل : السياق فإنّ «ما استكرهوا عليه» هو الفعل الخارجي و «ما اضطرّوا إليه» أيضا هو الفعل الخارجي و «ما لا يطيقون» كذلك أيضا ، فوحدة السياق تقتضي أن يكون «ما لا يعلمون» مثلها في المراد من «ما».
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٦٠ ، باب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤ ، مع تفاوت.
(٢) الوسائل ٢ : ١٠٥٤ ، باب ٣٧ من أبواب النجاسات ، الحديث ٤ ، وفيه : «كلّ شيء نظيف ...».