في غير المجهول إنّما يرفع الفعل المضطرّ إليه وحكمه الثابت له بعنوانه الأوّلي ، فلا يرفع حكم الفعل الّذي لا يكون الفعل سببا له بما أنّه فعل ، مثل ما لو نسي الإنسان فلاقى بيده النجسة الإناء ، فلا يقال إنّ الإناء لا يتنجّس ، لأنّ رفع النسيان معناه رفع حكم الفعل المنسيّ لو لا نسيانه ؛ وإنّما لا يقال ذلك لأنّ النجاسة من أثر الملاقاة الّتي هي ليست مستندة إلى فعل المكلّف ، فإنّ ملاقاة النجس دائما توجب النجاسة وإن كانت من غير فعل المكلّف ، مثل ما لو أطار الريح الثوب النجس وألقاه في الإناء أو غير ذلك. وليست النجاسة من أثر فعل المكلّف بما هو فعل مكلّف ، بل قد يكون فعل المكلّف سببا له لكنّه من باب أنّ الملاقاة حصلت به لا من باب أنّه فعل المكلّف ولذا لو حصلت الملاقاة بغيره لتنجّس أيضا.
فليس عدم التنجيس من جهة الإجماع على عدم إجراء حديث الرفع في باب الطهارة والنجاسة كما زعمه الميرزا قدسسره (١) بل من جهة عدم شمول حديث الرفع ، كما أنّه لا مجال لأن يقال : إنّ الإكراه على الإفطار في شهر رمضان يرفع حكم الإفطار من وجوب القضاء ، لأنّ وجوب القضاء ليس من آثار الفعل المضطرّ إليه ليرتفع بحديث الرفع ، وإنّما هو من آثار فوت الواقع المتحقّق في المقام قطعا.
نعم ، لو علّق وجوب القضاء على ترك المكلّف فلو ترك المكلّف الواجب عليه اضطرارا لم يكن وجه لوجوب القضاء عليه ، ولكنّه ليس كذلك ، فتأمّل وافهم. كما أنّ الحكم الّذي لا امتنان فيه لا يجري فيه لا يجري فيه حديث الرفع أيضا ، مثلا من اضطرّ إلى بيع داره من جهة أنّ عليه دينا أراد قضاءه فهو مضطرّ إلى بيع داره ، فلا يقال : إنّ بيعه باطل لأنّ بطلان بيعه خلاف الامتنان عليه فلا يشمله حديث الرفع. وكذا لو كان خلاف الامتنان بالنسبة إلى شخص آخر ، مثل ما لو أتلف أحد مال الغير نسيانا أو خطأ ، فرفع حكم هذا الإتلاف بحديث الرفع ينافي الامتنان على الامة ، لأنّ المضمون له منها أيضا ورفع الضمان ينافي الامتنان به.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٠٧.