يرد فيه نهي ، فيكون مفاده : أنّ الأصل في الأشياء الإباحة لا الحظر حتّى يثبت الدليل المحرّم فيكون الخبر أجنبيا عن محلّ الكلام.
كما أورد عليه الآخوند (١) بعد أن سلّم ظهور «الشيء» في الشيء المشكوك بأنّ المراد من الورود الصدور والوجود الواقعي لا الوصول إلى المكلّف ، فيكون مؤدّاه مؤدّى : اسكتوا عمّا سكت الله عنه.
والجواب عن إيراد الآخوند قدسسره بأنّ الورود وإن كان قد يستعمل في الوجود والثبوت إلّا أنّ المشهور هو استعماله في الوصول ، ولو سلّم ظهوره في الصدور فلا بدّ من إرادة الوصول منه في المقام ، لوجود القرينة الدالّة على ذلك ، والقرينة هي أنّ المراد إمّا أن يكون الحديث إنشاء للحكم بالإطلاق من الإمام عليهالسلام أو إخبارا عن الحكم ، وعلى كلا التقديرين فإمّا أن يكون الحكم المنشأ أو المخبر به الحكم الواقعي أو الحكم الظاهري ، أمّا إرادة الحكم الواقعي فلا معنى لها ، إذ المعنى حينئذ : كلّ شيء مطلق ـ أي مباح واقعا ـ حتّى يرد فيه نهي واقعي ، وهذا من الامور البديهيّة الغير المحتاجة للإخبار بها ولإنشائها ، إذ هو جعل الشيء غاية لرفع ضدّه فهو كقولك : كلّ شيء ساكن حتّى يتحرّك. وليس قوله حينئذ : كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي أولى من عكسه ، وهو قوله : كلّ شيء منهيّ عنه حتّى يكون مطلقا واقعا ، ومؤدّى كلتا الجملتين واحد.
فإذا لم يمكن إرادة الحكم الواقعي من الإطلاق والنهي الواقعي من النهي فلا بدّ أن تكون هذه الجملة لإنشاء الحكم الظاهري أو للإخبار عنه ، (بل الظاهر من الكلام الصادر من المعصوم أن يكون في مقام إنشاء الحكم وبيانه للسائل ليعمل لا في مقام الحكاية والإخبار عن الواقعيّات الّتي لا مساس لعمل المكلّف بها) (٢) ، والحكم الظاهري إنّما يكون للشيء المشكوك حكمه الواقعي ، إذ لا معنى للحكم الظاهري
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٨٩.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.