الخلّية فالاستصحاب يعيّن الأوّل فلا تجري البراءة. وكذلك لو شكّ في جواز تصرّفه في كتاب زيد لأنّه راض بالتصرّف ، وعدم جواز التصرّف لعدم الرضا منه ، فالأصل هنا حرمة التصرّف في مال الغير حتّى يثبت الرضا وطيب النفس. وكذلك في كلّ مورد كان فيه أصل موضوعي مبيّن. والمراد من الأصل الموضوعي الأصل المخرج لموضوعه من عدم البيان وعدم العلم وإن كان جاريا في الحكم.
وقد ذكر الشيخ الأنصاري قدسسره (١) من جملة تلك الاصول الموضوعيّة أصالة عدم التذكية فيما شكّ في قابليّته للتذكية ، أمّا المعلوم القابلية للتذكية فلا مانع من جريان أصالة الإباحة فيه أصلا (وإن أطلق الشهيد قدسسره (٢) دعوى أصالة الحرمة في اللحوم) (٣).
ولا بدّ في تحقيق المقام من بيان في موارد :
أحدها : ما إذا شكّ في الحلّية مع العلم بقابليّة الحيوان للتذكية ووقوعها ، ولكن الشكّ من جهة أمر خارجي.
وثانيها : ما لو كان قابلا لها وشكّ في رافع تلك القابليّة كالجلل والوطء.
وثالثها : ما لم تعلم القابليّة ولا عدمها للجهل بالحيوان وأنّه من أيّ الجنسين.
ورابعها : في الشبهات الحكميّة ، ويقع الكلام فيها في موارد أيضا.
أمّا الكلام في المورد الأوّل من موارد الشبهة الموضوعيّة وهي ما إذا علمت قابليّته للتذكية ووقوعها عليه ولكن شكّ في حلّية لحمه وعدمها ، مثل ما إذا علم أنّ المذبوح إمّا شاة أو أرنب ، فهما معا قابلان للتذكية قطعا ، وقد وقعت التذكية عليهما فطهارتهما معلومة ، ولكنّ الشكّ في حلّية لحمهما ، ولا إشكال هنا في جريان أصالة
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ١٠٩.
(٢) الروضة البهيّة ١ : ٦٦ ، وتمهيد القواعد : ٢٧٠.
(٣) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.