الحلّ لقوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (١) فإن أراد الشهيد قدسسره من أصالة الطهارة والحرمة في اللحوم ما يشمل هذا فغير مسلم ، إذ الحلّية هنا لا معارض لها أصلا وإن أمكن الفحص ، لأنّ الشبهة الموضوعيّة لا يجب فيها الفحص.
وربّما تمسّك بعضهم باستصحاب حرمة أكل لحمه حال حياته أو حرمة بلعه حال حياته توجيها لكلام الشهيد لو فرض شموله لهذا الفرد. ولا يخفى عدم جريان استصحاب حرمة أكله ، لأنّ حرمة الأكل كانت محمولة على لحمه بعنوان القطعة المبانة من الحيّ وأنّها ميتة وهي مرتفعة قطعا ، إذ الفرض تذكيته وطهارته. وكذا حرمة بلعه مع أنّه محلّ الكلام بين الأعلام ، وعلى تقدير التسليم فهي بعنوان بلع الحيوان الحيّ ، فالموضوع منتف.
وأمّا الكلام في المورد الثاني وهو ما لو كان الحيوان قابلا للتذكية وشكّ في رفع تلك القابليّة ، مثل ما لو شكّ في الشاة أنّها صارت جلّالة أم لا أو موطوءة للإنسان أم لا أو شربت لبن خنزيرة أم لا ، فهنا الشكّ في حدوث موانع القابليّة ، فهنا عندنا استصحاب موضوعي جار ينفي ذلك المانع وهو استصحاب عدم الجلل وعدم وطء الإنسان وعدم شرب لبن الخنزيرة ، فهذا الأصل الموضوعي يعيّن لنا قابليّته للتذكية ، والمفروض أنّ التذكية قد وقعت عليه فيكون موردا لأصالة الحلّ.
وأمّا الصورة الثالثة وهي ما لو شكّ في القابليّة من جهة الشكّ في نوع الحيوان وأنّه شاة أو كلب وقد ذبحت ، فإن بنينا على أنّ هناك عموما دالّا على أنّ كلّ حيوان قابل للتذكية إلّا ما خرج بالدليل ، وبنينا أيضا على جريان أصالة العدم في الأعدام الأزليّة حتّى في العناوين الذاتيّة يحلّ ، لأنّ العموم دالّ على قبوله للتذكية ، وبضميمة استصحاب عدم اتّصافه بالعنوان الوجودي الخارج من عموم القابليّة وهو عنوان
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.