الكلبيّة ، فإنّ هذا العنوان قبل وجود هذا الحيوان لم يكن موجودا قطعا فبعد وجود الحيوانيّة يشكّ في وجوده فاستصحاب العدم الأزلي ينفيه ، فيكون الموضوع مركّبا من جزءين : الحيوانيّة وهو موجود وجدانا ، وعدم الكلبيّة وهو محرز بالأصل. والظاهر وجود العموم وهي صحيحة الحلبي (١) الدالّة على طهارة كلّ حيوان ذي جلد. وقد استدلّ بها صاحب الجواهر قدسسره (٢) الطاهر على طهارة جلود الحيوان إلّا ما خرج بالدليل ، وقد ذكرنا أيضا جريان استصحاب العدم الأزلي.
وإن لم نقل بالعموم أو لم نقل بجريان أصالة العدم الأزلي مطلقا أو في خصوص العناوين الذاتيّة كما في المقام ، فإن قلنا ـ كما عليه المشهور ـ من أنّ التذكية أمر بسيط يحقّقه هذا الأمر الوجودي الحسّي من فري الأوداج وبقيّة الشرائط فلا إشكال حينئذ في عدم حلّيته للاستصحاب ، أي لاستصحاب عدم وجود ذلك الأمر البسيط الوجوديّ. وإن قلنا بأنّ الذبح هو التذكية وأنّها أمر مركّب منه ومن بقيّة الشرائط فلا يمكن حينئذ إجراء الاستصحاب للقطع بحصوله ، فحينئذ تجري أصالة الحلّ في الشبهات الموضوعيّة فيكون حلالا وطاهرا بأصالة الطهارة. وقد استظهر الميرزا النائيني قدسسره (٣) المعنى الثاني للتذكية من الآية المباركة (٤) وبقيّة الأدلّة ، والظاهر هو ما عليه المشهور.
وهناك صورة رابعة من صور الشبهة الموضوعيّة وهي صورة ما إذا شكّ في الحيوان من حيث وقوع التذكية عليه وعدمه بعد إحراز قابليّته لوقوع التذكية ، فإن كان هناك أمارة لوقوع التذكية عليها كيد المسلمين وسوقهم فهو ، وإلّا يكن هناك
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٥٤ ، الباب ٤ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٢.
(٢) جواهر الكلام ٨ : ١٠٥.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٣٣٨.
(٤) المائدة : ٣.