الآخوند (١) بأنّ اعتبار القربة إنّما هو من جهة عدم حصول الغرض منها بدونه ، وإلّا فالأمر متعلّق بذات العبادة كتعلّقه بذات الأمر التوصّلي غير أنّ الأمر التوصّلي يسقط بإتيان متعلّقه ، والأمر العبادي يسقط بحصول الغرض لا بصرف الإتيان. فحصول الغرض لا يكون إلّا بقصد الأمر ، أو قلنا بمقالة الميرزا النائيني قدسسره (٢) من أنّ العبادة ما كانت مفتقرة إلى أمر ثان يكون متمّما للأمر الأوّل ينتج نتيجة التقييد بقصد القربة ، أو قلنا بمقالتنا من إمكان عباديّة الشيء واعتبار القربة فيه بالأمر الأوّل كما مرّ تحقيقه في التعبّدي والتوصّلي ، وذلك لأنّ هذا الإشكال لا مدفع له لو اعتبرنا الجزم بالنيّة القربيّة ، وما دلّ على اعتبار النيّة القربيّة هو أحد ما ذكرنا ، وإذ ليس فيها ما يدلّ على اعتبار الجزم بالنيّة فيجوز الاحتياط وإن كان يفوت الجزم بالنيّة ، إذ لا دليل على اعتباره. ولو قيل باعتباره فإنّما يقال باعتباره حيث يمكن لا في مثل المقام ، فافهم.
وبيان عدم دلالتها على اعتبار الجزم بالنيّة أمّا على ما اختاره الآخوند فواضح ، إذ أنّ إتيان العمل رجاء كونه مطلوبا للمولى من أظهر مصاديق الانقياد إلى أمر المولى ، لأنّ العبد مع أمنه من العقاب لو ترك يأتي به رجاء مطلوبيّته الواقعيّة الّتي لا عقاب في مخالفتها ، بل هذا من أرقى مراتب الامتثال. ولا يعتبر في العبادة إلّا إتيانها مضافة إلى الله ومتقرّبا بها إليه ، والإضافة إليه في المقام حاصلة قطعا ، بل هي من أظهر مصاديق الإضافة إليه تعالى فالغرض حينئذ مترتّب عليها وحاصل أيضا.
وأمّا على مبنى الميرزا (٣) من الأمر الثاني المتمّم للجعل فليس في جميع الأخبار والآيات الواردة في العبادات ما يدلّ على قصد الأمر الأوّل بالخصوص ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٠٠.
(٢ و ٣) أجود التقريرات ٣ : ٣٥٨.