وبالجملة ، فلا ينبغي إطالة الكلام فيها من حيث سندها ؛ لأنّ فيها صحيحة هشام (١) مضافا إلى تسالم الأصحاب على قبولها وعدم مناقشة المناقش من الأصحاب في سندها أصلا ، وإنّما المناقشة في دلالتها.
فنقول ـ وعلى الله الاتّكال ـ : وقع الكلام بين الأصحاب في دلالة هذه الأخبار ، وأنّ دلالتها ما هي ، فهل إنّها إرشاد إلى حكم العقل ، بمعنى أنّ العقل يحكم بأنّ الأوامر الاستحبابيّة يثاب العبد عليها إذا عملها ، فهي في مقام بيان ما يستقلّ العقل بإدراكه من الثواب على إتيان المأمور به المستحبّ مع قطع النظر عن كيفيّة بلوغه إلى العبد وأنّه بلوغ وجداني كما إذا قطع بالاستحباب ، أو تعبّدي كما إذا قام الطريق الشرعي كالخبر الواحد بشرائطه المعهودة على الاستحباب ، فهي غير ناظرة إلى التسامح في أدلّة السنن أصلا.
أو إنّها مخصّصة للأدلّة الدالّة على اعتبار العدالة والضبط وغيرها في الخبر الواحد فتكون أخبار من بلغ تخصّصه بغير المستحبّ ، أمّا في المستحبّ فهذه الشروط ملغاة مثلا.
أو إنّها تكون هي بأنفسها جاعلة للاستحباب لما كان بهذا العنوان ـ أي بعنوان بلغ ـ فإذا كان ما بلغ الثواب عليه غير مقول للنبيّ صلىاللهعليهوآله ولا للأئمّة ، وإنّهم لم يوعدوا واقعا بالثواب عليه فهو بالعنوان الثانوي ، وهو عنوان بلوغه إلى العبد محبوب للمولى ومطلوب له؟ أوجه ثلاثة (*).
__________________
(١) المصدر السابق ، الحديث ١ و ٢ و ٦.
(*) يوجد في الهامش إضافة من المناسب إيرادها هنا : وربّما فصّل بعضهم فزعم دلالة نوع هذه الأخبار على جعل استحباب ذات العمل وزعم دلالة الروايتين المشتملتين على قوله : فعمله التماس قول النبيّ أو طلب قول النبيّ ، على استحباب الانقياد ـ انظر كفاية الاصول : ٤٠١ ـ ولا يخفى أنّه لا مقتضى لهذا التفصيل بعد ضعف سند هاتين الروايتين بمحمّد بن مروان المجهول وغيره الضعيف.