واخرى يكون النهي نهيا عن مجموع الأفراد ، لأنّ المفسدة إنّما تتوجّه إذا تحقّق جميع الأفراد ، ففي مثله يجوز الإتيان بأفراد المنهيّ عنه المعلوم كونها من أفراده بشرط ترك فرد من أفراد المنهيّ عنه ، فإنّ ترك المجموع متحقّق قطعا بترك واحد منها وارتكاب الباقي ، إذ المفسدة إنّما تترتّب بارتكاب المجموع ، ولكنّ الكلام كلّ الكلام في أنّه للمكلّف أن يأتي بجميع الأفراد المعلومة ويترك الفرد المشكوك فقط أم لا؟
قال الاستاذ : الظاهر الجواز ، إذ الزجر إنّما توجّه نحو فعل المجموع ولم يعلم المكلّف أنّه فعل المجموع ، لاحتمال كون الفرد المشكوك من أفراده فيكون بتركه تاركا للمجموع بما هو مجموع ، فتأمّل جيّدا وافهم (*).
وثالثة : يكون الزجر متوجّها نحو أوّل وجود من وجودات تلك الطبيعة فهل له الإتيان بالفرد المشكوك؟ الظاهر الجواز ، إذ لم يعلم توجّه النهي عن هذا الوجود ، إذ لم يحرز أنّه من وجودات هذه الطبيعة ، فالشكّ في توجّه التكليف نحو تركه وعدم توجّه التكليف نحو تركه وهو مورد البراءة بلا إشكال.
وليس يتصوّر غير هذه الصور الثلاث في النهي الحقيقي. نعم ، يتصوّر ما ذكره الآخوند قدسسره في النهي الغير الحقيقي وسيأتي الكلام فيه.
وإن كان النهي بمعنى طلب الترك فهو أيضا على صور ثلاثة :
الاولى : أن تكون مصلحة مترتّبة على ترك هذا الفرد لا ربط لها بالمصلحة المترتّبة على ترك ذلك الفرد ، وفي مثله لو شكّ في فرد أنّه من أفراد المنهيّ عنه أم لا ،
__________________
(*) أشار بالتأمّل إلى إمكان عدم جواز فعل ما عدا المشكوك في هذه الصورة ، إذ النهي توجّه نحو ترك شرب الماء الّذي في دار عمر ، وهو مردّد بين العشرة أواني ففيها المفسدة من غير ضمّ الفرد المشكوك ، وبين الأحد عشر فيكون النهي متوجّها نحو العشرة بشرط ضمّ الحادي عشر ، فهو من قبيل المتباينين تباين لا بشرط وبشرط شيء ، فتأمّل.