الثاني : الحدود الدنيويّة فإنّ الثمانين حدّ شارب الخمر لا المتجرّي) (١).
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّه لا مجال لما قيل من أنّه بناء على العقاب للمتجرّي يلزم أن يعاقب العاصي بعقابين ، وذلك لأنّ العقاب إنّما هو على الامور الاختياريّة ، ومصادفة الواقع ليست منها ، فعقاب العاصي كعقاب المتجرّي لا أنّ له عقابين. كما أنّه لا مجال لما ذكره الميرزا النائيني (٢) من لزوم كون العقاب على القصد لعدم كون العقاب على القصد ، وإنّما هو على الأعمال الاختياريّة الصادرة من العبد في مقام الطغيان على المولى والسيّد.
(وقد ذكر الآخوند قدسسره في كفايته أنّ الفعل المتجرّى به ليس قبيحا وإن استحقّ العبد المتجرّي العقاب وذكر أنّ العقاب على عزمه واختياره ، ثمّ حيث بنى على أنّهما ليسا بالاختيار وإلّا لتسلسل أجاب بالالتزام بحسن العقاب عليهما وإن لم يكونا بالاختيار كما في العاصي فإنّ مصادفة المعصية للواقع ليس باختياره ثمّ انجرّ قدسسره إلى باب عظيم (٣).
ولا يخفى أنّ هذا الكلام مبنيّ على كون العزم والاختيار من الصفات لا من الأفعال وأنّ العقاب عليهما ، وهما باطلان فإنّ العزم والاختيار من أفعال الإنسان الاختياريّة بمعنى كون فعلها وتركها بيده ، مع أنّ العقاب ليس عليها وإنّما هو على الفعل الخارجي الّذي به هتك المولى والعزم بصرفه لا هتك فيه ، وإلّا لزم العقاب حينئذ عليه وإن لم يفعل خارجا) (٤).
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) انظر فوائد الاصول ٣ : ٤٦ ـ ٥٠.
(٣) انظر كفاية الاصول : ٢٩٨ ـ ٣٠٢.
(٤) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.