الثالث ، لأنّ الإناءين محكومان بوجوب الاجتناب من الأوّل ، فوقوع قطرة الدم لا تحدث فيهما أثرا أصلا ، فلا مانع حينئذ من جريان الأصل في الثالث لعدم جريانه فيهما حتّى يعارضانه.
وكذا لو كان أصل تنزيلي يعيّن أحد الأطراف كما إذا علم بخلل في صلاة الصبح المنقضي وقتها أو الظهر الباقي وقتها فقاعدة الفراغ لا تجري للمعارضة ، إلّا أنّ أصالة عدم وجوب القضاء تجري ، كما تجري قاعدة الاشتغال بالإضافة إلى صاحبة الوقت فيأتي بها ، ولا تنافي بين الأصلين النافي والمثبت ، لعدم التكاذب. وكذا لو كان أصلا محضا كقاعدة الطهارة مثلا.
وبالجملة ، المناط كون احتمال التكليف مقرونا بالمؤمّن ، فلو قامت البيّنة على تعيين النجس الواقعي أو الأصل المحرز أو المحض أو غيرها من الأدلّة الشرعيّة لا مانع حينئذ من إجراء أصالة البراءة أو الطهارة في الطرف الثاني لعدم معارضته ، فافهم.
ثمّ إنّ تعارض الاصول وتساقطها الّذي هو معنى تنجيز العلم الإجمالي ، لأنّ احتمال التكليف حينئذ لا مؤمّن له أصلا كما يعتبر في تنجيز العلم الإجمالي حدوثا يعتبر فيه بقاء ، إلّا أنّه إذا لم يكن حدوثا يعبّر بعدم حصول العلم الإجمالي وإذا كان حدوثا وانعدم بقاء يعبّر بانحلال العلم الإجمالي كما ينحلّ التراب بالماء ، وحينئذ فلو علم بأنّ أحد الإناءين المشتبهين كان بعينه عند تعلّق العلم الإجمالي نجسا بحيث إنّ العلم الإجمالي والتردّد لم يكن بمحلّه ، فهنا لا مانع من جريان الأصل في الطرف الثاني إذ لا يعارضه الأصل في الطرف الآخر. ويكون نظير الشكّ الساري في المعلوم التفصيلي ، كما إذا علم بوقوع قطرة من البول في إناء بخصوصه ثمّ شكّ في أنّ القطرة كانت من البول أم من غيره ، ولا ريب حينئذ في جريان قاعدة الطهارة في الإناء ، لأنّ هذا الشكّ سرى إلى المعلوم النجاسة وأخرجه عن كونه معلوم النجاسة إلى كونه مشكوكها فكذا مقامنا ، لأنّ علمه بنجاسة الإناء الخزفي بخصوصه قبل حدوث العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما لوقوع قطرة البول في أحدهما الغير